حوار مع جهاز التخطيط والإحصاء في قطر حول مؤشرات البيئة المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة

17 سبتمبر/أيلول 2019

هذه المدونة هي من ضمن سلسلة من المدونات التي  تعدها البوابة العربية للتنمية مع المكاتب الإحصائية الوطنية بهدف عرض آخر الإصلاحات والخطط التي تنفذها المراكز الإحصائية في البلدان العربية. 
 

يشكل قطاع البيئة أهمية خاصة في المنطقة العربية، وذلك بسبب التحديات البيئية الملحة التي تواجهها المنطقة. إذ تعاني المنطقة العربية من خطر التصحر، وقلة المياه، وتدهور الأراضي، وانخفاض كفاءة استخدام الموارد الطبيعية.  

يتراوح معدل الهطول المطري السنوي من مستويات متدنية كما في البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة، حيث لم يتعدّ معدل الهطول المطري 100 مليون متر مكعب في عام 2017، إلى درجةٍ أقل حدةً  كما في السودان والجزائر، حيث تجاوز معدل الهطول المطري 200 مليون متر مكعب.[1] كذلك، يفرض النمو السكاني السريع ومعدلات التحضر المرتفعة والتي بلغت 58.8 بالمئة من مجموع السكان، ضغطًا متزايدًا على الموارد الطبيعية المتاحة وعلى استدامة ونوعية البيئة في المدن العربية.[2]

 

كما تواجه المنطقة تحديات مرتبطة بقطاع الإحصاءات البيئية متمثلة بغياب الإطار الرسمي المنظم لعملية الإنتاج والتجميع، بالإضافة إلى محدودية التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات الحكومية ذات الصلة، كما ترتبط بقلة الموارد المالية التي تخصص لتنمية هذا القطاع، بالإضافة إلى النقص في الكادر التقني، حيث تعد الوحدة المتخصصة في إنتاج وتجميع إحصاءات البيئة في بعض البلدان العربية من أصغر الوحدات في المؤسسات الحكومية ومراكز الإحصاء.

 

من هنا، تولي جميع البلدان العربية حاليًا أهمية خاصة لهذا القطاع وخاصة مع تبني أجندة التنمية المستدامة لعام 2030. كما تعمل جميع البلدان على إنتاج ونشر المؤشرات البيئية التابعة لأهداف التنمية المستدامة.

 

في حديث حصري مع البوابة العربية للتنمية، تحدّث خالد الشطرات، الخبير البيئي في جهاز التخطيط والإحصاء القطري عن الجهود التي يبذلها الجهاز لتحسين إنتاج ونشر المؤشرات البيئية، خاصة وأن قضايا البيئة تنعكس ضمن أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، ومع العلم أن تجربة الجهاز تعد ريادية من حيث توفيره 76 في المئة من إجمالي المؤشرات البيئية البالغة 88 مؤشر.

 

 

  1. كيف تقارب رؤية قطر الوطنية  2030 المحور البيئي؟

 

انعكست قضايا البيئة ضمن رؤية قطر الوطنية 2030 بدايةً من خلال إيلاء الرؤية للتنمية البيئية الأهمية والثقل المتوازن مع باقي ركائز الرؤية الأربعة. إذ تشكّل رؤية قطر منارة وخريطة طريق من حيث  توجيهها لتطور البلاد الاقتصادي والاجتماعي والبشري والبيئي، وهي التي تعمل على تحقيق التوازن بين الإنجازات التي تحقق النمو الاقتصادي وبين موارد قطر البشرية والطبيعية والإنسانية من جهة، وبين الحاجات التنموية وبين حماية مواردها الطبيعية (الهواء، والماء، والأرض) من جهة أخرى.

من هذا المنطلق، فإن الرؤية الوطنية تمثل انعكاسًا لقضايا البيئة من خلال تركيزها على وضع إطار قانوني وبناء مؤسسات بيئية فاعلة لصون الإرث البيئي القطري. كذلك، تشدد رؤية قطر الوطنية 2030 على دعم الجهود الدولية للتخفيض من الآثار الضارة للتغير المناخي، وعلى تشجيع التعاون الإقليمي بين الدول المحيطة بالخليج العربي لتبني معايير وقائية تخفف من الآثار السلبية الناجمة عن النشاطات الاقتصادية فيها، ووضع خطة شاملة تعتمد سياسة واضحة للتوسع العمراني والتوزيع السكاني، وعلى أهمية توعية المواطنين الى دورهم في حماية الموروث البيئي.

 

  1. كيف يتم التنسيق مع المؤسسات الحكومية الأخرى؟ وما هو دور كل جهة في ما يخص المؤشرات البيئية؟

 

إن التطلعات المتعلقة باقتصاد قطر ومجتمعها وشعبها وبيئتها، والتي تضمنتها رؤية قطر الوطنية 2030، تمت ترجمتها من خلال استراتيجية وطنية للتنمية في مختلف القطاعات، ومن ضمنها الاستراتيجية الوطنية للبيئة التي يتشارك في وضعها القطاعان الخاص والعام والمجتمع المدني ومواطنو قطر، وذلك عبر آلية تعاونية.

وقد جاءت عملية إدماج أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 في استراتيجية التنمية الوطنية في نفس الوقت الذي تمت فيه عملية تطوير الاستراتيجية الوطنية الثانية 2018- 2022. وبذلك أصبحت أجندة التنمية المستدامة 2030، جزءا لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الوطنية الثانية، حيث تعمل الجهات المعنية في الوزارات والأجهزة الحكومية، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والجهات البحثية والأكاديمية، على دعم تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثانية المتضمنة أهداف وغايات أجندة التنمية المستدامة 2030، ومن ضمنها المؤشرات البيئية، مستخدمة بذلك نفس أدوات الإبلاغ عن التقدم المحرز في استراتيجية التنمية الوطنية الثانية وتكنولوجيا الابتكار والبحث العلمي في عمليات التنفيذ والرصد والمتابعة من أجل الإبلاغ عن التقدم المحرز في مؤشرات أهداف التنمية المستدامة ومن ضمنها المؤشرات البيئية.

 

  1. ما هي التحديات التي تواجهونها في جمع ورصد المؤشرات البيئية التابعة لأهداف التنمية المستدامة؟

 

تتمثل أبرز التحديات في :

 

-تحدي انتشار المفهوم العام لبعض جوانب مؤشرات التنمية المستدامة وذلك لحداثته، وكذلك التعريف بهذه المؤشرات، وخصوصاً تلك التابعة للبيئة . إذ إن إحصاءات البيئة، بشكل عام، ما زالت من المواضيع المطروحة حديثاً، ويوجد صعوبة في توفيرها.

-نقص البيانات الاحصائية اللازمة لحساب مؤشرات التنمية المستدامة من الجهات المصدرية المنتجة للبيانات المطلوبة.

-غياب وأحياناً تطبيق جزئي للمنهجيات الاحصائية، وكذلك ضعف تطبيق الأدلة الاحصائية لدى الجهات المنتجة للبيانات المطلوبة،.

-ازدياد النمو السكاني والازدهار الاقتصادي والمشاريع الضخمة والعملاقة مما يشكل عبئا على توفير البيانات الإحصائية وتسلسلها بالشكل الذي يخدم توفير بيانات مؤشرات أهداف التنمية المستدامة.

-ازدياد العبء على العاملين في مؤشرات التنمية المستدامة، من ناحية قلة الكوادر المدربة واللازمة لتغطية المواضيع المتعددة لمؤشرات التنمية المستدامة، ومن ناحية الوقت اللازم للاجتماعات مع فرق العمل وتوضيح ماهية البيانات المطلوبة لحساب المؤشرات والمتابعات للبيانات المطلوبة.

-تواتر وكثرة الطلبات من الجهات الدولية المعنية بالإشراف على مؤشرات التنمية المستدامة، مما  يعيق أحياناً العمل ويضغط على الجهات المصدرية المنتجة للبيانات المطلوبة.

-عدم وضوح المنهجيات وطرق الحساب لبعض مؤشرات التنمية المستدامة من المستويات الثانية والثالثة (Tier III, Tier II) .

-قلة التجارب الدولية بخصوص توفير مؤشرات التنمية المستدامة والتي يمكن اعتبارها كقصص نجاح.

 

  1. الرجاء تحديد عدد مؤشرات التنمية المستدامة التابعة لموضوع البيئة وإعطاء نبذة عن مدى توفرها؟
     

استطاع جهاز التخطيط والإحصاء، ممثلاً بإدارة الإحصاءات وبالتعاون مع بعض وزارات وأجهزة الدولة المختلفة، من إنتاج المؤشرات الوطنية الخاصة بأهداف التنمية المستدامة وغاياتها (جميع مؤشرات التنمية المستدامة)، حيث يتوفر منها في الوقت الحاضر (186) مؤشرًا، أي حوالي (76.3%) من إجمالي المؤشرات البالغ عددها (244) مؤشراً، وبلغ عدد المؤشرات غير المتوفرة (37) مؤشراً، تمثل (15.1%)، يحتاج توفيرها إلى مسوح أو سجلات إدارية، بينما عدد المؤشرات الجاري توفيرها (11) مؤشراً، شكلت نسبة (4.5%). أما بالنسبة للمؤشرات التي لا تنطبق على دولة قطر، فبلغ عددها (7) مؤشرات، مثلت ما نسبته (%2.9) من إجمالي المؤشرات، في حين بلغ عدد المؤشرات الخاصة بحسابات المنظمات (3) مؤشرات، أي حوالي (%1.2).

 

أما فيما يخص عدد مؤشرات التنمية المستدامة التابعة لموضوع البيئة، والبالغ عددها حوالي (88) مؤشراً، فيتوفر منها في الوقت الحاضر (67) مؤشرًا، أي حوالي (76.1%) من إجمالي المؤشرات التابعة لموضوع البيئة، وبلغ عدد المؤشرات غير المتوفرة (15) مؤشراً، تمثل (17.0%)، يحتاج توفيرها إلى مسوح أو سجلات إدارية أو جهدًا إضافيا لحسابها. أما بالنسبة للمؤشرات التي لا تنطبق على دولة قطر، فبلغ عددها (6) مؤشرات مثلت ما نسبته (%6.8) من إجمالي المؤشرات التابعة لموضوع البيئة.

 

  1. ما هي المصادر الخاصة بمؤشرات البيئة؟

 

تم الاعتماد في توفير بيانات مؤشرات التنمية المستدامة ومؤشرات التنمية المستدامة التابعة لموضوع البيئة على مبدأ المصادر المختلطة (Mixed Approach)، والتي تمثلت بالسجلات الإدارية للجهات المصدرية للبيانات مثل الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة ومن مصادر بيانات التعداد العام، ومن مصادر بيانات مسوح متخصصة كمسح القوى العاملة، ومسح إنفاق ودخل الاسرة، ومسح البحث العلمي والتطوير، والمسح العنقودي متعدد المؤشرات، وغيرها.

 

  1. كيف تعملون على تخطي التحديات وتوفير باقي المؤشرات التابعة لأهداف التنمية المستدامة؟

 

-يتم مراجعة الخطط التنفيذية للجهات الوطنية، بما تحتويه من أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها ووضعتها الجهات المختلفة، والتأكد من تجانسها مع خطة الاستراتيجية الوطنية للتنمية (وكما تم ذكره سابقاً فأن الاستراتيجية الوطنية الثانية موجهة بأهداف التنمية المستدامة).

-تحديد الآليات المتّبعة لتحقيق استراتيجية التنمية الوطنية الثانية، بما تحتويه من أهداف التنمية المستدامة، من خلال التشاور مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المختلفة.

-تحسين وتطوير العمل الإحصائي لينعكس تحسينه على جميع مجالات أهداف التنمية المستدامة.

-العمل بالتعاون مع الشركاء الوطنيين على تطوير السجلات والإحصائية والإدارية لديهم، بما يلبي الاحتياجات الإحصائية لحساب مؤشرات أهداف التنمية المستدامة.

-وضع برامج بناء القدرات الاحصائية في مجال التنمية المستدامة لتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية.

-استخدام الابتكارات والتكنولوجيا اللازمة في مجال إنتاج البيانات الإحصائية لتساهم في حساب مؤشرات أهداف التنمية المستدامة.

-تشكيل فرق عمل ولجان وطنية لمؤشرات التنمية المستدامة تتابع التقدم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

-نشر تقرير إحصائي حول مؤشرات التنمية المستدامة، وهو تقرير ومرجع وطني لمتابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة بحيث يقيس التقدم المحرز.

-تبنى التعداد العام للسكان والمساكن شعار تعداد ناجح لتنمية مستدامة وهو الذي يتضمن استخدام الربط الإلكتروني لقواعد البيانات مع الجهات المنتجة المختلفة من أجل الحصول على البيانات في الأوقات المناسبة والتي تلزم لقياس ومتابعة مؤشرات التنمية المستدامة.

-السعي للاستفادة من الدعم الفني المتاح من المؤسسات والمنظمات الاقليمية والدولية في مؤشرات التنمية المستدامة، خصوصاً مؤشرات المستويات (2) و(3) (Tier III, Tier II).

 

  1. ما هي خطة قطر المستقبلية في ما يخص قطاع ومؤشرات البيئة؟

 

-زيادة ربط الأولويات الدولية بما فيها أهداف التنمية المستدامة مستقبلاً بأهداف الاستراتيجية التنموية الوطنية للبيئة.

-العمل مستقبلاً على توفير الحد الأقصى من إحصائيات إطار إحصاءات البيئة (FDES) والذي يعمل بدوره على تحقيق عدة أغراض من ضمنها مؤشرات أهداف التنمية المستدامة وأهداف الاستراتيجية التنموية الوطنية للبيئة.

-العمل مستقبلاً على توفير بعض بيانات قطاع ومؤشرات البيئة من خلال المسوح البيئية المتخصصة حيث يتعذر توفير هذه البيانات من السجلات الإدارية في الوقت الحالي.

-العمل مستقبلاً بالتعاون مع الجهات المصدرية على توفير قاعدة بيانات لقطاع ومؤشرات البيئة.

-زيادة وضع برامج بناء القدرات الاحصائية مستقبلاً في المجال البيئي لتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية.

-زيادة استخدام الابتكارات والتكنولوجيا اللازمة مستقبلاً في مجال انتاج البيانات الإحصائية البيئية، مثل النمذجة الرياضية ونظام المعلومات الجغرافي وغيرها من التقنيات، لتساهم في حساب مؤشرات البيئة.

-زيادة وتيرة وتنويع أساليب المنشورات المتعلقة بقطاع ومؤشرات البيئة، حيث يتم حالياً نشر تقرير إحصاءات البيئة كل سنتين ونشرة إحصاءات البيئة كل سنتين بالإضافة لبعض النشرات الأخرى التخصصية.

-الانفتاح على التجارب الإقليمية والدولية، فيما يخص قطاع ومؤشرات البيئة وتبادل الخبرات والترحيب بالاستفادة من خدمات المنظمات الإقليمية والدولية في هذا المجال.

 

 

[1] شعة الإحصاءات في الأمم المتحدة. 2018. قاعدة البيانات الإحصائية. [اونلاين] متوفر على: https://unstats.un.org/home/ [تم الدخول 1 تموز/يوليو2019[.

[2] شعبة السكان التابعة لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمانة العامة للأمم المتحدة.2018. التوقعات السكانية في العالم. [اونلاين] متوفر على: https://population.un.org/wup [تم الدخول 27 حزيران/يونيو 2019[.

 

 


خالد الشطرات هو خبير بيئي في قسم إحصاءات البيئة، وزارة التخطيط التنموي والإحصاء في الدوحة - قطر.


 

إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية.

 

الأكثر قراءة