إصلاح السياسة المالية: أهداف قصيرة ومتوسطة الأمد

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي, 17 فبراير/شباط 2015

تواجه تونس مهمة صعبة تتمثل بتوحيد حساباتها المالية في بيئة سياسية-اجتماعية وخارجية صعبة. وبينما اعتمدت الدولة بشكل عام سياسة مالبة شديدة التحفظ خلال عام 2000، مع تناقص في العجز من 3.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2000 الى 1.3 في المئة في عام 2010، وارتفع العجز الضريبي الى 5.1 في المئة عام 2012 و7 في المئة عام 2013، عندما انتقلت الحكومة إلى سياسة مالية توسعية في أعقاب ثورة 2011، مجتمعة مع تراجع في النشاط الاقتصادي. كما لوحظ اتجاه مماثل بمستوى الدين العام: بعد انخفاض من متوسط 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال التسعينات إلى 40.4 في المئة منه عام 2010، ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عام 2011 إلى 46 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويُتوقّع أن تبلغ 51 في المئة عام 2013.

 

في مثل هذا الوضع الاقتصادي الصعب، يكمن التحدي الفوري في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، ولكن على السلطات أن تبدأ في الوقت عينه بتنفيذ إصلاحات متعددة في الميزانية، في محاولة لبلوغ توازن في المدى المتوسط بين دعم النمو، وتعزيز المساواة، وتقوية جمع العائدات، والحفاظ على التنافس الاقتصادي وتحسين مناخ الأعمال.

 

وتتضمن الإصلاحات الضرورية للسياسة المالية القصيرة الأمد:

  1. تلبية حاجات إعادة رسملة المصارف: بناء على تقديرات صندوق النقد الدولي والحكومة، ويمكن لهذه الحاجات أن تبلغ 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2013-2014.
  2. إصلاح الدعم: تتمحور استراتيجية الحكومة للإصلاح حول تبني سياسة تعويض للعائلات، لترافق دعم اسعار الطاقة، بالإضافة إلى تصميم صيغة أوتوماتيكية جديدة لتسعير الوقود.
  3. التحكم بقانون الأجور، التي ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة من 53 في المئة من عائدات الضرائب عام 2010 الى 59 في المئة عام 2013.[1] في المدى المتوسط، سيتطلب الحفاظ على قانون الأجور في مستوى مستدام تعزيز زيادات الأجور في المساحة المالية المتوفرة، وأخذ الزيادات الانتاجية بعين الاعتبار.
  4. تركيبة أفضل للنفقات العامة لدعم النمو: إن الاستبدال التدريجي للدعم المعمم، بنظام التعويض الهادف، واحتواء قانون الأجور، سيحرران موارد الميزانية للاستثمارات العامة الداعمة للنمو، الى جانب إنفاقات اجتماعية أكثر. في هذا السياق، تخطط الحكومة لزيادة الاستثمار العام أكثر من 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2015 (زيادة 0.6 في المئة للناتج المحلي الإجمالي).

 

في المدى المتوسط، على السلطات أن تخطط للقيام بالإصلاحات التي تركز أولاً على المجالات الهيكلية التالية:

  1. تحريك العائد الضريبي عبر برنامج شامل من الإصلاحات التي تعزز التوزيع العادل لعبء الضريبة، وفعالية وشفافية النظام الضريبي.
  2. إصلاح نظام التقاعد: يعتبر الصندوقان الرئيسيان للتقاعد في تونس، (الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، المخصص لموظفي القطاع العام – والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يخدم القطاع الخاص) غير قابلين للاستمرار على الصعيد المالي. وفي حال لم يتم إصلاح هذه الأنظمة، يمكن للعجز المشترك أن يبلغ 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2018.[2] وبناءً على التطورات الديموغرافية، ينبغي تعديل العوامل المتغيرة في نظام التقاعد التونسي – (سن التقاعد، نسب المساهمات، وفوائد التقاعد)، وذلك للحفاظ على الجدوى المالية للصناديق.
  3. إصلاح المؤسسات العامة: يشكل الوضع المالي للمؤسسات العامة، والتي تراكم خسائر تقارب 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، خطراً كبيراً على السياسة المالية،[3] ومصدر قلق عاجل للسلطات، لتنفيذ برنامج إصلاحات لمعالجة هذا الوضع.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] وزارة المال 2013 / http://www.finances.gov.tn/index.php?lang=fr1

[2] تحليلات صندوق النقد الدولي والحكومة لعام 2013: تقرير صندوق النقد الدولي عن البلاد 2013-16/161- طلب الحصول على ترتيب انتظار

[3] تقرير صندوق النقد الدولي عن البلاد رقم 13/161، 2013، طلب الحصول على ترتيب انتظار

 


سفيان غالي أستاذ الاقتصاد وعميد المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في جامعة تونس. متخصص في مجالات المنظمات الصناعية والاقتصاد الدولي. له منشورات متخصصة في مجلات دولية، ساهم في العديد من الدراسات لوكالات وطنية تونسية ومنظمات مثل ITCEQ وIACE ومنظمات دولية مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي، FEMISE، منتدى البحوث الاقتصادية، وشبكة التنمية العالمية. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.


سامي رزغوي استاذ في جامعة منوبة في تونس. متخصص في مجالات سياسات الاقتصاد الكلي، الاقتصاد الدولي، اقتصاديات الصناعة وسياسة الابتكار. مؤلف العديد من البحوث المنشورة في المجلات الدولية وهو أيضًا مستشار ومساهم في تقارير مختلفة لوكالات دولية (ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البنك الدولي، FEMISE، معهد البحر الأبيض المتوسط) ومؤسسات وطنية (معهد الدراسات الكمية، المعهد العربي لمدراء الأعمال، وزارة التجارة، وهيئة ترويج الاستثمار). حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي

الأكثر قراءة