اقتصاد مصر: النمو ومقوماته

وفيق جريس, 04 مارس/آذار 2015

منذ العام 1990 وحتى العام 2005، شهد الناتج المحلي الاجمالي في مصر (GDP) نموًّا بمعدّل 4.2 في المئة في السنة (الرسم 1)، وذلك مع التحوّل من الزراعة الى الصناعة والخدمات. هذا مع العلم أن  قطاع الخدمات لا يزال صاحب الحصة الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي (الرسم 2) (البنك الإفريقي للتنمية 2013). أما موجة الإصلاحات التحريرية، فقد ساهمت في تسريع النمو لفترة قصيرة خلال الفترة الممتدة من سنة 2005 وحتى سنة 2008، ورغم تقاطعها مع العديد من الصدمات.  

 

منذ تسعينات القرن العشرين، كان الدافع الأساسي وراء النموّ هو الطلب المحلي وتراكم رأس المال. أما مساهمة الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج وتراكم رأس المال البشري بسبب التعليم، فلم تكن ذات أهمية بالنسبة للنمو (الرسم 3). وقد طغى هذا الطابع أيضا  في أعقاب الإنتفاضة العربية (بدر وزكي 2013).

 

الرسم 1: نموّ الناتج المحلي الإجمالي في مصر 1980- 2012 (النسبة المئوية السنوية)

المصدر: البنك الدولي، قاعدة بيانات مؤشرات التنمية في العالم 2013

http://databank.worldbank.org/data/home.aspx

 

الرسم 2: هيكلية الناتج المحلي الإجمالي بحسب القطاع (نسبة مئوية)

المصدر: البنك الدولي، قاعدة بيانات مؤشرات التنمية في العالم 2013

http://databank.worldbank.org/data/home.aspx

 

الرسم 3: توجهات مصر في الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج بحسب مؤشّر Tornqvist (الاختلاف، نسبة مئوية)

http://knoema.com/TEDGATFPCD2012Jan/total-economy-database-growth-accounting-and-total-factor-productivity-country-details-1990-2011-january-2012?tsId=1004350.

 

ولم يفضِ تركيز الاستثمار والنموّ في القطاعات ذات الكثافة الرأسمالية العالية سواء على مستوى المواد أو الموارد البشرية إلى خلق فرص عملٍ واسعةٍ ولم يؤدِّ إلى تخفيض ملحوظ في مستويات الفقر.[1] علاوة على ذلك، إن تركّز النمو في المناطق الحضرية بشكل رئيسي، أدى الى تهميش شريحة كبيرة من فقراء الريف، لا سيما في صعيد مصر.

 

من العام 1991 إلى العام 2007، ارتفع معدّل التوظيف بأكثر من 50 في المئة لكنّه بقيَ مركّزًا في الزراعة والحكومة. واستمرّت قطاعات التعدين والتجارة والمالية في خلق فرص عمل كبيرة. ويعكس نمو العمّالة في مجال البناء والإسكان الازدهار العقاري الذي شهدته البلاد. في حين أنّ هذا النمو قد يكون جزئيًّا ردًّا على الطلب المكبوت، فقد يكون أيضًا نتيجة لتشوّهاتٍ تدمي بتلك القطاعات الجاذبة للمستثمرين. (الجدول 1).

 

الجدول 1: التوظيف بحسب القطاع، 1991-2007

القطاع

الهيكلية عام

 1991 (%)

النمو 1991-2007

(%)

الهيكلية عام 2007

الزراعة

33.7

20.3

27.0

التعدين

11.0

80.3

13.02

التصنيع

0.3

210.3

0.5

الكهرباء

0.7

55.1

0.8

البناء

5.3

121.6

7.9

النقل

3.5

72.4

4.0

الإتصالات

0.6

90.5

0.8

قناة السويس

0.1

-10.0

0.1

التجارة والمالية والتأمين

8.6

78.5

10.2

الفنادق والمطاعم

1.1

134.7

1.7

الإسكان والعقارات

1.5

232.0

3.3

الخدمات العامة، والتأمين الاجتماعي، والخدمات الحكومية

25.4

39.4

23.5

الخدمات الشخصية والاجتماعية

8.1

19.7

6.5

المجموع

100

50.4

100

المصدر: نصّار 2010

 

وتعكس مؤشرات العمالة والبطالة تضخّم التوظيف في القطاع العامّ، واستيعاب القطاعات غير الرسمية للباحثين عن العمل، والهجرة. ووفقًا لبعض التقديرات، يشكّل القطاع غير الرسمي نحو 40 في المئة من النشاط الاقتصادي (Schneider- Buehn- Montenegro 2010) وظلّ معدّل البطالة أعلى من المتوسط الوطني بين الشباب والمتعلمين والإناث، ممّا يضاعف التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد.

 

 مصادر النمو

 

ساهم نمط النمو في جعل الاقتصاد المصري عرضةً لمصادر الإيرادات التقليدية: تحويلات العمّال، صادرات النفط والغاز،[2] السياحة، رسوم عبور قناة السويس، والمساعدات. وتشكّل إيرادات قناة السويس حوالى 5 مليارات دولار أمريكي سنويًّا. أمّا الإيرادات الإضافية فتأتي من خطّ أنابيب سوميد.[3] ومع ذلك، تفوّق الاستهلاك المحليّ للنفط الخام على الإنتاج في العام 2005 [4] وأدّت زيادة استهلاك الغاز المنزلي إلى تقويض إمكانية تصدير الغاز المحليّ.[5] ما ساهم هيكل الإيرادات في تفاقم الآثار السلبية التي بدأت مع مذبحة الأقصر في العام 1997، واستمرّت حتّى أعقاب الربيع العربي في العام 2011.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] للبرهان نفسه، راجع الأهواني والليثي (2002)

[2] وتشمل الموارد الطبيعية الأخرى خام الحديد والفوسفات والمنجنيز والحجر الجيري والجبس والتلك والأسبستوس، والرصاص، والعناصر الأرضية النادرة، والزنك. راجع: https://www.cia.gov/library/publications//the-world-factbook/fields/2111.html ووزارة التخطيط (2013)

[3] 50 % من خط أنابيب سوميد (المعروف أيضًا باسم خط أنابيب السويس والبحر الأبيض المتوسط) ملك مؤسسة البترول المصرية (الهيئة العامة للبترول) ولها طاقة توازي 2.3 مليون برميل / يوم

[4] راجع: http://www.indexmundi.com/energy.aspx?country=eg مصر هي أكبر الدول المنتجة خارج أوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول) للنفط في أفريقيا.

[5] مصر هي ثاني شركة منتجة للغاز الطبيعي الجاف في أفريقيا. راجع: http://www.eia.gov/countries/country-data.cfm?fips=eg.

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة