الاستثمار المتزايد للقطاع الخاص في إمدادت المياه المستدامة

شيبو ب. دهار, 17 فبراير/شباط 2015

عندما أنشأت الحكومات العربية استراتيجيات تنظيمية متينة وشفافة، توجب أن تشكّل استثماراً هائلاً يهدف إلى توسيع الخدمات المائية، وتطويرأنظمة المياه والصرف الصحي. إذ بناءً على نمو معدلات السكان الحالية في العالم العربي (تقريرالبنك الدولي لمؤشرات النمو – 2014)، سيتجاوز عدد السكان في هذه المنطقة الـ600 مليون في العقدين المقبلين، وسيتطلب هذا الأمر مئات المليارات من الدولارات للاستثمار في قطاع المياه والصرف الصحي. ومن هنا، فإن مشاركة القطاع الخاص أو تمويله لمرافق المياه سيساعد على تخفيف العبء عن الميزانية العامة، وسيكون باستطاعة الحكومات، المحدودة القدرة على الإدخار أو الاقتراض، استخدام هذه القدرة في استثمارات، قد يرفض القطاع الخاص القيام بها. ولكن تشكّل البيئة التنظيمية النزيهة والمصممة بشكل صحيح شرطًا أساسيًا مسبق لمشاركة القطاع الخاص. إذ تُمنح عادة امتيازات القطاع الخاص لمرافق المياه وخدمات البنى التحتية على أساس شفاف وتنافسي، ينتج غالباً نوعية أفضل من الخدمات بتكاليف أقل ونطاق خدمة يمتد إلى الفقراء، إذا ما تم بشكل صحيح ودون تدخل سياسي.

 

ويعود التوجه العالمي نحو مشاركة القطاع الخاص في خدمات المرافق بشكل كبير إلى أربع فئات من الفوائد المتوقعة:

 

  • الفوائد الاقتصادية: إن مبادئ الاقتصاد الكلي الاساسية التي تدعم القطاع الخاص للأعمال التشغيلية هي: تزويد القطاعات التي يشغلها عادة القطاع العام بفعالية وإنتاجية القطاع الخاص، مما يؤدي الى تطور في فعالية الكلفة؛ وتقليص حجم وتأثير القطاع العام في الاقتصاد الوطني، وكذلك تقديم المنافسة كحافز لتحسين النوعية والخدمة.

 

  • التحسينات التكنولوجية: بهدف الحفاظ على قدرتها التنافسية في العالم التجاري، يتوجب على الشركات التي تعمل في القطاع الخاص، أن تكرّس جهدًا هامًا للأبحاث والتطور. وبذلك، ستكون قادرة على توسيع بلوغ دولة التكنولوجيا الحديثة لشركائها في القطاع العام، ونقل التكنولوجيا الى المواقع البلدية التي يشاركون فيها. ومن هنا ينفق مثلاً عدد كبير من المجموعات الخاصة 100 مليون دولار أميركي كل سنة على الأبحاث والتطور لتحسين تكنولوجيا المياه ومياه الصرف الصحي وأنطمة التوصيل.

 

  • الانتاجية المرتبطة بالأفراد: يتوجب على القطاع الخاص أن يتمتع بسياسات فعّالة للموارد بشرية، تماماً كما يعتمد على الابتكار ليحافظ على قدرته التنافسية. كما أنه يحتاج الى الحفاظ على أعلى درجة ممكنة من التحفيز، ومستوى المهارة، ودرجة تدريب الموظفين، وغالباً ما ينجح القطاع الخاص في تحقيق هذا الأمر. كما يستثمر هذا القطاع في قطاع المياه ما يقارب الـ 6 في المئة من تكلفة الانفاق على العمالة على تدريب الموظفين.

ومن المفهوم بشكل واضح من القطاع الخاص أنّ العقود ستكون ناجحة (وبالتالي ربحية) فقط في حال استمروا في تطوير وزيادة مهارات الموظفين. ويُعين الموظفون في أغلب مشاريع المياه/ أو مشاريع الصرف الصحي، من جانب المؤسسات المحلية الموكلة بمعالجة المياه وعمليات التوزيع. وحين يستدعي الأمر ضرورة القيام بذلك، ينشئ مستثمرو القطاع الخاص مراكز تدريب محلية لتعزيز وتحسين مهارات الموظفين المشاركين في مشاريع المياه الخاصة.

 

  • فعالية الإدارة: تكمن الفئة الرابعة الأساسية في تقديم أساليب حديثة للإدارة الصناعية، والتي تتضمن إجراءات الرصد والمراقبة الفعّالة لـ: الميزانية والمحاسبة، التخطيط، إعداد التقارير، إدارة الأصول، التشغيل والصيانة، مراقبة الجودة، والأداء البيئي.

 

وفي الوقت الذي يعم فيه الجدل بين مؤيد ومعارض لكل فئة من الفئات الأربع للفوائد المتوقعة المذكورة أعلاه، تبقى الحقيقة أنه هناك توجه قوي نحو زيادة مشاركة القطاع الخاص في نشاطات الخدمات العامة حول العالم، حبث يسبب هذا ضغط على الحكومات العربية بشكل خاص، إذ إن نقص المياه هو أقرب ما يكون إليهم.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


شيبو ب. دهار يقدم خدمات استشارية لبنوك متعددة الأطراف (البنك الدولي، بنك البلدان الأمريكية، بنك التنمية الآسيوي، والبنك الأوروبي للتنمية)، ووكالة التنمية الثنائية، الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعملاء البنية التحتية الخاصة. لديه خبرة واسعة في إصلاح شركات المياه في البلدان النامية، بما في ذلك إدارة التنظيم ووضع الأهداف التجارية ونظم إدارة الأداء. تشمل خبرته تصميم الأطر المؤسسية وتصميم واستعراض الهيئات التنظيمية المناسبة في قطاع المياه، حيث اكتسب خبرته فيها من خلال مهام في كاب فيردي، زامبيا، لاتفيا، فانواتو، منغوليا، الهند، والولايات المتحدة الأمريكية.

شيبو ب. دهار شيبو ب. دهار

الأكثر قراءة