التحوّل القطاعي للاقتصاد التونسي - الخدمات والتصنيع

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي, 05 مارس/آذار 2015

في حين انخفض معدل التوظيف في الزراعة بنسبة 17 في المئة من العام 1975 حتى العام 2011، ارتفع في المقابل في قطاع الخدمات. وبما أن التوظيف في قطاع الخدمات ككل شكّل نصف التوظيف العام في عام 2011 (مقارنة بـ 33 في المئة[1] في عام 1975)، تحقق الجزء الأكبر منه في الخدمات الخاصة بنسبة 32 في المئة (مقارنة بـ 22 في المئة عام 1975).

 

وتُظهر المعلومات المتوفرة حول قطاع الخدمات ككل، وتحديداً خدمات السوق، أن أداءه كبير جداً مقارنة بالصناعة والزراعة. كما حقق قطاع الخدمات الأداء الأفضل في ما يتعلق بالقيمة المضافة، ومعدل الاستيعاب للعاملين ذوي الممهارات.

 

ولكن، هذا التقييم الإيجابي لقطاع الخدمات ككل يخفي نوعًا من التفاوت الموجود بين الأنواع المتعددة للخدمات المقدمة. فيبقى مثلاً الأداء في قطاعي خدمات النقل والاتصالات، والذي يُقاس من حيث نمو إنتاجية القوى العاملة، أعلى بكثير من تقييم الخدمات الأخرى. (الجدول 1).

 

جدول 1: مقارنة انتاجية العمل في قطاع الخدمات 1983- 2008

نوع الخدمات

متوسط انتاجية العمل

معدل النمو السنوي لإنتاجية العمل (%)

البناء

2.4

2

خدمات حكومية

4.6

1.9

تمويل، تأمين، خدمات أخرى

7.3

0.01-

نقل واتصالات

10.7

4.9

مرافق عامة

49.5

1.2

 المصدر: مرواني ومولحي 2013.

ملاحظة: انتاجية العامل تعود إلى القيمة المضافة للعامل الواحد.

 

وكما حصل في نموّ قطاع الخدمات، تمكن القطاع الصناعي من استجماع قواه لفترة طويلة بطرق عدة من خلال جذب العمالة الماهرة، مع معدل نموّ لإنتاجية العمل بلغ 2.3 في المئة من عام 1983 حتى العام 2008، كما أنه عزز بشكل تدريجي المحتوى التكنولوجي للإنتاج. ولكن هذا الاتجاه الإيجابي وتدابير السياسة الهادفة إلى رفع مستوى الشركات التونسية في ضوء تنافسية نامية مع الاتحاد الأوروبي، لم تحقق زيادة كبيرة في حصص الصناعات التكنولوجية المكثفة في الناتج المحلي الإجمالي. وعلى الرغم من الاتجاه الإيجابي، ظلت حصة الصناعات التكنولوجية المتقدمة في الناتج المحلي الإجمالي صغيرة بمعدل 0.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2007.

 

في المقابل، ضاعفت الاتصالات وشبه المواصلات، ومواد الصيدلة، وأجهزة الكومبيوتر، وصناعات أجهزة المكاتب مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي بين عام 1985 وعام 2007، مقابل ركود حصة الناتج المحلي الإجمالي من صناعة الادوات العلمية والفضائية. كما مر القطاع الصناعي في تونس بإعادة توازن بين قطاع صناعة الأقمشة، والألبسة والجلد وبين قطاع الكهرباء والميكانيك، الذي تحرك باتجاهات معاكسة. إذ يوضح الارتفاع والانخفاض النسبي لقطاع الألبسة والأقمشة تحولين متتاليين في قطاع الصناعة في تونس منذ عام 1970: فترة من التوظيف السريع للأموال بعيداً عن تصدير البترول، الذي انخفض من 52 في المئة عام 1980 الى 13 في المئة في عام 2006، وتوظيف تدريجي للأموال بعيداً عن القيمة القليلة المضافة من قطاع الأقمشة والألبسة نحو الصناعة الميكانيكية والكهربائية الخفيفة، التي تسيطر اليوم على التصدير.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


 [1] هذه النسبة المئوية تعود الى مجموع حصة خدمات السوق وغير السوق في حصص التوظيف في عام 1975.

 


سفيان غالي أستاذ الاقتصاد وعميد المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في جامعة تونس. متخصص في مجالات المنظمات الصناعية والاقتصاد الدولي. له منشورات متخصصة في مجلات دولية، ساهم في العديد من الدراسات لوكالات وطنية تونسية ومنظمات مثل ITCEQ وIACE ومنظمات دولية مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي، FEMISE، منتدى البحوث الاقتصادية، وشبكة التنمية العالمية. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.


سامي رزغوي استاذ في جامعة منوبة في تونس. متخصص في مجالات سياسات الاقتصاد الكلي، الاقتصاد الدولي، اقتصاديات الصناعة وسياسة الابتكار. مؤلف العديد من البحوث المنشورة في المجلات الدولية وهو أيضًا مستشار ومساهم في تقارير مختلفة لوكالات دولية (ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البنك الدولي، FEMISE، معهد البحر الأبيض المتوسط) ومؤسسات وطنية (معهد الدراسات الكمية، المعهد العربي لمدراء الأعمال، وزارة التجارة، وهيئة ترويج الاستثمار). حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي

الأكثر قراءة