الحواجز التي تحول دون نمو قطاع تمويل الإسكان في العالم العربي

وفيق جريس, 05 مارس/آذار 2015

مع ثلث السكان تحت سن الـ 15 عامًا وتوقعات إلى الحاجة الإسكانية المستقبلية الماسّة، فإنَّ زيادة الرهن العقاري وقروض الإسكان هو أولوية ملحة في العالم العربي (ميركين 2010). حاليًّا، تبلغ قروض الرهن العقاري أقلّ من 10 في المئة من مختلف القروض في المنطقة، وهي نسبة منخفضة وفقًا للمعايير الدولية. وتشير التقديرات في إفريقيا، وشرق آسيا، وأميركا اللاتينية، والكريبي إلى أنّ القروض العقارية تشكّل 10، و16، و20 في المئة من مجموع القروض، وهي نسب أعلى بكثير من نسب المنطقة العربية.

 

إنّ تمويل الإسكان متوفّر بشكل غير متساوٍ في المنطقة، كما هي حال أقسام أخرى من النظام المالي. في الكويت والمغرب، تتراوح القروض العقارية بين 45 في المئة و30 في المئة  على التوالي من مجمل القروض. ولكن، تنخفض هذه النسبة إلى 15 في المئة في الأردن، ولبنان، تونس، والإمارات. وتوفّر بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي تمويلًا مباشرًا لبرامج عقارية من خلال قروض مدعومة، للوفاء بالتزاماتها الدستورية بمنح منازل، أو أراضٍ، أو قروض بناء من دون فوائد للمواطنين. إلّا أنّ هذا الميزة تمنح فقط للرجال أو للمواطنين ذوي الدخل المحدود، لا للشباب الّذين يرغبون أن يأسسوا لمستقبلهم بأنفسهم.

 

وكانت الحكومات العربية تحرز تقدّمًا في تحسين أسواق التمويل العقاري وتوسيع نطاقها، مع نسب نجاح مختلفة بسبب وجود تحدّيات كبيرة وراسخة. فإذا أرادت البلدان العربية أن توسّع نطاق قطاع التمويل العقاري لتلبية الحاجة ذات الصلة، عليها أنّ تواجه تحدّيات مهمّة في الجوانب القانونية والتنظيمية والتأسيسية لتمويل العقارات.

 

ومن أجل توسيع نطاق سوق التمويل العقاري، يجب أن تعالج البلدان العربية المسائل القانونية المتعلّقة في تأمين حقوق الملكية، والتسجيل الملائم، ودعم الإجراءات والقوانين المتعلّقة بحقوق الدائن. وقد اتّخذت الجزائر ومصر والسعودية خطوات في هذا الصدد.

 

بالإضافة إلى ذلك، سيتطلّب توسيع نطاق التمويل العقاري زيادة في آليات التمويل الطويلة الأمد، وأدوات إدارة المخاطر. على سبيل المثال، تعزيز سندات الرهن العقاري والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري يقلل تعرّض المقرض لمخاطر السيولة والفائدة. وسعت مؤخّرًا العديد من البلدان مثل مصر والأردن إلى تقليص هذه المخاطر من خلال إصدار سندات دين عبر شركات إعادة تمويل الرهن العقاري (هاسلير 2011).

 

ومع ذلك، لضمان فعالية آليات التمويل الطويلة الأمد، يجب على البلدان العربية معالجة القضايا الأكثر جوهرية في أسواق ديونها. إنَّ أسواق الدين الأفضل نموًّا توفر منحنى عائد موثوق للديون الحكومية، ومؤشّرًا لتسعير الأوراق المالية الخاصة. إلّا أنّه لم يلتزم أي بلد في المنطقة بهذا الشرط المسبق لأوراق مالية وأسواق خاصة وأكثر استقرارًا.

 

وأخيرًا، على الحكومات العربية أن تؤمّن تشريعات وأنظمة ملائمة لخلق أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري. وستتطلّب التشريعات والأنظمة الملائمة زيادة الاستثمار في مؤشرات تسعير الإسكان، وتصنيفًا وتسعيرًا موثوق بهما أكثر، وسلسلة أوراق مالية أكثر صلابة. وقد أعدّ المغرب وتونس تشريعًا حول الأوراق المالية الدعومة بالرهن العقاري، وحتّى أنّ المغرب قد ذهبت أبعد من ذلك لتطوير تشريعًا حول السندات المغطّاة بالرهن العقاري.

 

وقد ينذر التحوّل الديمغرافي الحالي وتزايد عدد الشباب بأزمة إسكان وشيكة. إلّا أنّه يمكن منع حدوث هذه الأزمة من خلال إنشاء إطار عمل قانوني ومؤسسي مناسب، وإزالة التشوّهات الموجودة على مستوى السوق، بهدف استقطاب استثمارات القطاع الخاص في أنشطة الإسكان وتوليد فرص العمل المطلوبة وبأسعار معقولة.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة