الدعم في مصر: الحاجة إلى إصلاحات

أحمد غنيم [[email protected]], 17 فبراير/شباط 2015

يشكّل الدعم الركيزة الأساسية للنظام الاجتماعي والاقتصادي في مصر وجزءًا لا يتجزأ من شبكة الأمان الاجتماعي التاريخية. وقد ارتفع إجمالي الدعم من 84.2 مليار جنيه إلى أكثر من 134.96 مليار جينيه بين 2007/2008 و 2011/2012، وهو ما يمثّل على التوالي 29.8 في المئة و28.7 في المئة من إجمالي الإنفاق العامّ. وخلال 2011/2012، شكّلت الإعانات 8.8 في المئة و81 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ومن عجز الموازنة على التوالي (وزارة المالية 2013).

 

تذهب الغالبية العظمى للدعم – معدّل 75 في المئة من كافة الدعم المقدّم – إلى وقود. بقيمة المطلقة، يشكّل هذه الدعم أكثر من مبلغ المخصّصات المالية الحكومية للصحّة والتعليم (حندوسة 2010). أمّا ثاني أعلى معدّل دعم وهو 15 في المئة، فيعود إلى الخبز البلدي، يليها الدعم المخصص للبطاقات التموينية، حوالى الـ5 في المئة. وبلغ الوقود ودعم الوقود 5.8 في المئة و 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، من العام 2005 إلى العام 2010 (صندوق النقد الدولي 2010). ويتمّ توفير الدعم المتبقّي على شكل تحويلات نقدية ومخصّصات أخرى.

 

ويتمحور الانتقاد الرئيسي للدعم بعدم الكفاءة. فعلى سبيل المثال، تراجع دعم الوقود بشكلٍ ملحوظ. في ما يخصّ البنزين، يجد البنك الدولي أنّ 93 في المئة من الفوائد تعود إلى أعلى شريحة خمسيّة في المجتمع (فتوح والقطري 2012). في خضمّ الأزمات، بانت ظاهرتا السوق السوداء والتهريب بشكلٍ كبيرٍ عند بيع الوقود المدعوم المصري البلدان المجاورة التي استفادت من فروق الأسعار (موقع Open Oil ، 2013). وبالمثل، فإنّ نظام الدعم الغذائي يعاني من نقص في التغطية، الاستهداف غير الصحيح، الهدر، والتسريبات[1]. يتلقى ما يقارب 70 في المئة من السكّان البطاقات التموينية في حين يتمّ استبعاد 19 في المئة من السكان الأكثر ضعفًا (المعهد الدولي لبحوث سياسات الأغذيةIFPRI وبرنامج الأغذية العالميWFP 2013).

 

غياب الإرادة السياسية، عدم وجود معلومات وبيانات موثوقة حول الفقراء، وجود ارتباط عالٍ بين الدعم ومستوى الفقر[2]، انتشار القطاع غير الرسمي، ووجود الفساد المتجذّر، كلّها عوامل حالت دون إصلاحات نظام الدعم حتى الآونة الأخيرة. ومع ذلك، فقد تمّ إجراء بعض الإصلاحات الجزئية، إذ تمّ إدخال بطاقات ذكية لاستهلاك الوقود، وزيادة سعر الغاز الطبيعي للصناعات الثقيلة تدريجيًّا، وبات دعم الخبز البلدي يستهدف الآن المستهلك بدلاً من المنتج. بيد أن هذه الإصلاحات كانت مجزّأة، ولم تساعد بشكلٍ كبيرٍ في التغلّب على الآثار السلبية للدعم على ظروف الاقتصاد الكلي لتحقيق العدالة الاجتماعية. في الآونة الأخيرة، في العام 2014، اتّخذت السلطات خطوات جريئة للحدّ من العبء المالي للدعم، حيث كانت أبرزها زيادة أسعار الوقود بشكلٍ كبير.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


1. وفقا لليثي وأرمانيوس (2011)، وبعد النظام المعتمد من قبل وزارة التضامن الاجتماعي في تحديد الفقراء الذين يستحقون البطاقة التموينية، 23 في المئة من الأشخاص المؤهلين للحصول على بطاقة التموينية وفقًا لمعايير وزارة التضامن الاجتماعي لم يحصلوا عليها، في حين أن 64 في المئة من غير المؤهلين حصلوا على البطاقة. ويقول البنك الدولي (2010) أن حوالي 28٪ من دعم المواد الغذائية (5.5 مليار جنيه) في العاميْن 2008/2009 لم تصل إلى المستهلكين المقصودين، مع احتساب الخبز البلدي الذي يشكّل 68 في المئة (3.7 مليار جنيه) من التسريبات، وزيت الطهي 20 في المئة (1.1 مليار جينيه) (انظر الليثي وأرمانيوس [2011] والبنك الدولي [2010]).

2. يمثل العنصر الغذائي من مؤشر أسعار المستهلك أكثر من 40 في المئة.

 


أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. وهو باحث في منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية (ERF) في مصر، وفي مركز البحث الاقتصادي والاجتماعي (CASE) في بولندا.

 


إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

أحمد غنيم [aghoneim@gmx.de] أحمد غنيم [[email protected]]

الأكثر قراءة