السياسة التجارية في مصر

أحمد غنيم [[email protected]], 06 مارس/آذار 2015

يعدّ إصلاح السياسات التجارية في مصر ظاهرة معقدّة وديناميكية لا تزال تخضع للسياسة المحلية والمصالح والضغوط الخارجية التي ليست دائمًا لأغراض توجيه التجارة (El-Mikawy and Ghoneim 2003). في التسعينات وحتى العقد الأول من الألفية الثانية، أصبحت السياسة التجارية في مصر أكثر انفتاحًا على المستويات الفردية والإقليمية والمتعددة الأطراف. ولوحظ وجود تحرّك في اتّجاه تنويع الشركاء التجاريين الرئيسيين لمصر في التسعينات، تمّ خلالها توقيع اتفاقيات التجارة التفضيلية مع الدول الأفريقية والعربية والأوروبية. وكانت الحوافز والضغوط الداخلية والخارجية للانخراط في مثل هذه الاتفاقيات التجارة التفضيلية تدفع بها المصالح الاقتصادية والإرادة السياسية. وبالتوازي مع تحرير التجارة في التسعينات، حدثتْ عملية إصلاح التجارة.

 

من حيث التحرير المتعدّد الأطراف، كانت مصر عضوًا في الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة (GATT) منذ العام 1970، وعضوًا في منظمة التجارة العالمية (WTO) منذ إنشائها في العام 1995، مع البلدان النامية (WTO 2005).

 

ومنذ منتصف التسعينات، شاركت مصر في التفاوض وفي تنفيذ عدد من اتفاقيات التجارة التفضيلية التي عززت تحوّل السياسة التجارية نحو مزيد من التحرير التجاري وتعزيزٍ للصادرات. جميع اتفاقيات التجارة التفضيلية التي شاركت بها مصر تابعة لاتفاقيات التجارة الحرة. كما شاركت مصر في عدد من اتفاقيات تشبه نوعًا ما اتفاقيات التجارة الحرّة التي تمّ توقيعها مع عدد من الدول العربية.

 

بما أنّ مصر لم تشارك سوى في اتفاقيات التجارة الحرة، لم تواجه سياسة التجارة التفضيلية أي تحدّي تنظيمي خطير ناشئ عن تداخل أو تناقض القوانين. ومع ذلك، ثمة تحديات محتملة لارتباطها بالدول العربية التي تهدف إلى نقل اتفاقية التجارة الحرة بين الدول العربية إلى الاتحاد الجمركي بحلول العام 2015، وبأعضاء السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا-COMESA)، الذي أُطلق اتحادها الجمركي في حزيران/يونيو 2009 (الأمم المتحدة والجامعة الاميريكية في القاهرة). وليس من الواضح على أي أساس قرّرت مصر مواصلة المفاوضات مع كلتا الجبهتين، حيث أنه لا يمكن لبلاد أن تكون عضوًا في اثنين من الاتحادات الجمركية في آنٍ واحد.

 

واستمرّ إصلاح التجارة وتحريرها في بداية العام 2000، مع اعتقاد النظام الراسخ بأنّ استراتيجية ترويج الصادرات ينبغي أن تكون المحرك الرئيسي للنمو في مصر. وبالتزامن مع تحرير التجارة، تم إحراز تقدّم كبير في الإعداد المؤسسي المصمّم لدعم الصادرات والمصدّرين. كما تحسّنت القواعد والأنظمة، والمنظّمات التي تتعامل مع إجراءات التصدير (Ghoneim 2012).

 

خلق تاريخ مصر في تصنيع بدائل للواردات مصالح خاصة قاومت خفض الحواجز الجمركية. ومع ذلك، من خلال تطبيق عدة قنوات إصلاح وتحرير (بما في ذلك برنامج الإصلاح الهيكلي في التسعينات، واتفاقيات التجارة التفضيلية، وتنفيذ التزامات الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة/منظمة التجارة العالمية)، وارتفاع الضغط القوي نسبيًّا على التصدير، بدأت السياسة التجارية بالتغيّر تدريجيًّا في التسعينات وفي العقد الأول من الألفية الثانية متوجّهةً نحو بيئة أكثر ليبرالية. ومع ذلك، فإن الحماية بين الصناعات المختلفة لا تزال متنوّعة للغاية، كما تلقى بعض الصناعات حمايةً أكثر من غيرها (الاسمية والفعلية) بسبب المصالح الشخصية لبعض اللوبيات والاهتمامات الاجتماعية.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


أحمد غنيم أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة. وهو باحث في منتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية (ERF) في مصر، وفي مركز البحث الاقتصادي والاجتماعي (CASE) في بولندا.

 


إنّ كافة الآراء الواردة في المدونة تعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي البوابة العربية للتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

أحمد غنيم [aghoneim@gmx.de] أحمد غنيم [[email protected]]

الأكثر قراءة