السياسة المالية في مصر

وفيق جريس, 17 فبراير/شباط 2015

إصلاح السياسة المالية في مصر هو أمرٌ بالغ الأهمية لعدة أسبابٍ منها تحسين إطار الحماية الاجتماعية، بما في ذلك كفاءة نظام الدعم، وضمان تحسين التنسيق مع السياسة النقدية، وتعزيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، فالإصلاح صعبٌ بسبب الديناميات السياسية، مستويات الفقر العالية،[1] الاعتماد الكبير على دعم شبكة الأمان الاجتماعي، وقاعدة بيانات المعلومات الضعيفة في ما يخصّ استهداف الدعم.

 

وخضعت السياسة المالية لتغييراتٍ كبيرةٍ من العام 1991 إلى العام 2013. وساهم اعتماد برنامج الإصلاح الاقتصادي التكيف الهيكلي[2] عام 1991 في تبنّي الحكومة لسياساتٍ أكثر فعّالية. سرعان ما ارتفع معدّل نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعليّ إلى أكثر من 4 في المئة بين عاميْ 1995 و1996 بعد معدّلات منخفضة راكدة عاميْ  1991 و1992، في حين انخفض معدّل التضخّم بشكلٍ ملحوظ. هذا وساهم الترشيد المالي مع تخفيف عبء الديون من نادي باريس في تخفيض نسبة كبيرة من الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي، وإلى حدٍّ أقلّ، في تخفيض نسبة خدمة الديون.[3]

 

وعلى الرغم من خفض العجز الماليّ إلى 1.1 في المئة خلال عاميْ 1996 و1997 (صندوق النقد الدولي 1996)، عادت الحكومة إلى مسار أكثر انفتاحًا في العام 1997 (El-Refaie 2001). وخلال عاميْ 2005/2006، اعتمدت الحكومة قانون الضرائب الجديد مع توحيد الدخل الشخصي ومعدّلات ضرائب الشركات المعتدلة ومستويات الرسوم الجمركية[4] لتحفيز النمو الاقتصادي وتوسيع القاعدة الضريبية.

 

منذ أحداث 25 يناير 2011، بات إصلاح السياسات المالية تحديًّا كبيرًا. ومع اتّساع عجز الميزانية للاستجابة للمطالب الاجتماعية، فإن الحاجة إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة، وتوفير حوافز للقطاع الخاص تطلب اعتماد سياسة توسّعية. وفي الوقت عينه، أشار توسّع العجز نفسه إلى ضرورة اتّباع سياسة مالية أكثر تقييدًا. وقد أدّى التحدي المتمثّل في التعامل مع هذه المعضلة إلى عدم قدرة الحكومة على إبرام قرض صندوق النقد الدولي وإلى تغييرات متكررة في مجلس الوزراء.[5]

 

وتشمل خصائص السياسة المالية في مصر نسبة عالية نسبيًّا من ناتج الديون، وانخفاض ازدهار وعوائد الضرائب على مستوى الإيرادات، وارتفاع الأجور والدعم غير الهادف على مستوى الإنفاق (Alba- Al-Shawarby-Iqbal  2004). كما أنّ لعجز الموازنة الهيكلي المستمرّ تداعياتٌ خطيرةٌ وكبيرةٌ على مستويات الدين والناتج المحلي الإجمالي (يوسف 2007). على مستوى الإيرادات، لا تزال المشاكل الهيكلية مستمرّة ومرتبطة بالاعتماد الكبير على الضرائب غير المباشرة، المتأخرات الضريبية الكبيرة، تحيز الهيكل الضريبي ضدّ الموظفين المدفوعي الأجر، ونظام الإدارة الضريبية غير الفعّال ( Atlam et al. 2012).

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة ولإحصاء البيانات، زادت معدلات الفقر في مصر 25.2 في المئة في 2010/2011 مقارنة مع 21.6 في المئة في 2008/2009. انخفض الفقر "المتطرف" إلى 4.8 في المئة في 2010/2011 من 6.1 في المئة في 2008/2009. هذه الأرقام وفقًا لخط الفقر في مصر، والتي تقدر ب 256 جنيه للشخص الواحد في الشهر، أو 8.5 في يوم جنيه، في حين يتم احتساب خط الفقر "المدقع" في 17.5 جينيه للشخص الواحد في الشهر أو في 8.5 جينيه في اليوم (CAPMAS 2012).

[2] لمزيد من المعلومات حول ERSAP، راجع AfDB (1999) وAbdel-Khalek (2001)

[3] لمزيد من المعلومات حول مسار الاستدامة المالية خلال هذه الفترة، راجع :

http://www.mof.gov.eg/MOFGallerySource/English/policy-notes/Fiscal%20and%20Public%20Debt%20Sustainability%20-%20July%202005.pdf.

[4] لمزيد من المعلومات حول الإصلاحات الضريبية الموافق عليها في حزيران/يونيو 2005 لضريبة الدخل الشخصي وكانون الثاني/يناير 2006 لقوانين الضرائب على الشركات، راجع OECD (2010)

[5] لمزيد من المعلومات، راجع البنك الدولي (2012)

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة