المدونات

يمكن النظر إلى الأداء المصرفي من منظورين. الأوّل من منظور ربح وسيولة وملاءة البنك، أو بمعنى آخر الأداء المالي. أمّا الثاني فهو من منظور فعالية البنك في تحقيق مهمة الوساطة الّتي يضطلع بها في تمويل الاقتصاد وتأمين خدمات مصرفية شاملة، أو بمعنى آخر الأداء الاقتصادي. هذا الجزء السادس من هذه السلسلة يلقي الضوء على الأداء المالي.

ويكمن من بين الجوانب الأساسية لأداء البنك هي القدرة على إدارة الخطر الإئتماني بهدف الحدّ من الحجم النسبي للقروض المتعثّرة، والتعامل مع الطلب على التزاماتها في ظلّ ظروف مختلفة. ويعتبر الحدّ الأدنى من متطلّبات رأس المال كإحتياطي عام يسمح للبنك أن يتعامل مع الصدمات غير الخاصة بأصول معيّنة. وترتبط مخصصات القروض المتعثّرة بالقروض ذات الصلة، وهي خاصّة بأصول معيّنة.

وتبدو البنوك في منطقة مجلس التعاون الخليجي والمغرب أكثر قوة من تلك الموجودة في باقي البلدان العربية. وتشهد البلدان العربية نسب قروض متعثّرة مرتفعة أكثر من البلدان المتوسطة الدخل أو المعدل العالمي، أو بلدان المقارنة كماليزيا أو تركيا. وفي الوقت نفسه، إنّ إجمالي نسبة المخصصات للبلدان العربية أقلّ من نسبة البلدان المتوسطة الدخل، ولكن أعلى من المعدّل العالمي. وثمة اختلاف كبير بين البلدان العربية. فتشهد مصر، وعمان، والسعودية النسب الأعلى من المخصصات، في حين تتمتّع البلدان غير المنتمية إلى مجلس التعاون الخليجي بنسب متانة رأس المال عند أو أقلّ من الحدّ الأدنى من المتطلّبات، وكذلك أقلّ من المعدّل العالمي، أو البلدان المتوسطة الدخل.

وتبدو البلدان العربية فعّالة من حيث الكلفة أكثر من معدّل البلدان المتوسطة الدخل أو العالم. وتبدو نسب التكاليف العامة إلى الأصول والتكاليف إلى المداخيل الخاصة بالبنوك أقلّ من المعدّل العالمي أو معدّل البلدان المتوسطة الدخل. ومن بين الدول العربية، في المتوسط، تُعتبر البنوك الخليجية أكثر كفاءة من حيث الكلفة من البنوك غير الخليجية. بالإضافة إلى ذلك، إنّ الفوارق بين نسب الودائع والقروض أقلّ من معدّل البلدان المتوسطة الدخل والعالم، ولكنها ضعف المعدّل في ماليزيا تقريبًا، كما أنّها أقلّ في بنوك مجلس التعاون الخليجي. كما يبدو أنّ هذه الفروقات موجودة على مستوى صافي هوامش الفائدة الأقلّ من معدلات البلدان المتوسطة الدخل أو العالم. وأخيراً يتماشى الدخل من دون الفوائد في البلدان العربية مع معدّلات البلدان المتوسطة الدخل والعالم، علمًا أنّ نسب بلدان مجلس التعاون الخليجي هي أقلّ من نسب البلدان غير المنتمية إلى المجلس وباقي بلدان العالم، باستثناء ماليزيا.

إنّ عائدات قبل وبعد الضرائب على أداء أصول بنوك البلدان غير المنتمية إلى مجلس التعاون الخليجي أقلّ عامّة من البلدان المتوسطة الدخل والمعدّلات العالمية، وأقلّ بكثير من أرقام ماليزيا وتركيا. أمّا عائدات بنوك بلدان مجلس التعاون الخليجي، فهي أعلى من أرقام البلدان المتوسطة الدخل والعالم، وأقلّ من أرقام ماليزيا قبل وبعد الضرائب، ولكن أقلّ من أرقام تركيا قبل الضرائب فقط. ويشير ذلك إلى أنّ معدّلات الضرائب المنخفضة في بلدان مجلس التعاون الخليجي تعوّض على الفرق في الأرقام قبل الضرائب بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي. تبلغ عائدات قبل الضرائب على الأسهم في البلدان غير المنتمية إلى المجلس نسبة قريبة من المعدّل العالمي، ولكن أقلّ قليلاً من النسب المسجّلة في البلدان المتوسطة الدخل. في حين تؤثّر سلبيًّا نسب الضرائب المرتفعة أكثر من النسب المسجّلة في العالم على الأداء النسبي للعائدات على الأسهم بعد الضرائب. وتخلق الضرائب المرتفعة في مصر والمغرب وتونس فارقًا مهمًا بين الأرقام قبل وبعد الضرائب وأداء البلدان في العالم. وتجدر الإشارة إلى أنّ الضرائب الضمنية معدومة أو منخفضة جدًّا في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهي أقلّ بكثير من المعدلات العالمية، وتبلغ 22 في المئة تقريبًا.

وبناءً على الأداء المالي المختلف بين بنوك مجلس التعاون الخليجي والبنوك غير الخليجية، ينظر الجزء الأخير من هذه السلسلة في الأداء الاقتصادي للقطاع المصرفي العربي في تأمين خدمات مصرفية وسيطة وشاملة.  

لقراءة الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الثالث، الجزء الرابع، الجزء الخامس، الجزء السابع

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.