المصرفية العربية: الأنظمة الاحترازية الجزئية – الجزء الثالث

وفيق جريس, 05 مارس/آذار 2015

ينظر الجزء الثالث من هذه السلسلة المؤلفة من سبعة أجزاء في فعالية الأنظمة الاحترازية الجزئية، وخاصّةً متطلّبات الرسملة الرامية إلى دعم الميزانية العمومية للبنوك في العالم العربي.

 

لطالما ركّزت السلطات المالية الإقليمية على التنظيم الاحترازي الجزئي وعلى المراقبة، كسائر نظرائها في العالم. وقد سعت إلى اعتماد معايير دولية على الرغم من تأخّر بعض البلدان في هذه العملية، وحاجتها إلى سدّ الثغرات الأساسية الموجودة في إطار عملها التنظيمي. وبينما كانت البلدان العربية تعتمد معايير دولية، ظهر تقارب بين المعايير التنظيمية الإقليمية، ولكن لا تزال الحالات متنوعة، ممّا يعكس بشكل كبير المستويات المختلفة لنمو الأنظمة المالية.

 

وتهدف الركائز الثلاث لاتفاق بازل 2 إلى تعزيز استقرار البنوك، وتركّز على متطلّبات رأس المال، والرقابة المصرفية، وانضباط السوق. وقد التزمت معظم البلدان العربية بتطبيق اتّفاق بازل 2، وهي تتبنى أنظمة لقواعد محسنة لبازل 3.

 

وقد حسّنت معظم البلدان غير المنتمية إلى مجلس التعاون الخليجي متانة رأس المال أو أبقتها على حالها، باستثناء لبنان الّذي انخفضت فيه نسبة رأس المال إلى الأصول المرجحة بالمخاطر ونسبة رأس المال إلى الأصول، فبقيتا في خانة 12 إلى 13 في المئة، و7 إلى 8 في المئة على التوالي. وقد حافظت بلدان مجلس التعاون الخليجي تقليديًا على نسبها المرتفعة نسبيًّا الّتي تتخطى 15 في المئة، و20 في المئة أحيانًا، والّتي وأعلى بكثير من أدنى متطلّبات بازل 2.

 

وفي تعميم صدر في 24 ديسمبر 2012، حدّد البنك المركزي المصري نسبة 10 في المئة كالسقف الأدنى لنسبة رأس المال إلى الأصول. ويشير إجمالي نسبة رأس المال إلى الأصول البالغ 6.9 في المئة عام 2011 إلى أنّه على بعض البنوك أن تضاعف جهودها. وفي مصر، ارتفعت نسبة رأس المال إلى الأصول المرجحة بالمخاطر إلى 16.3 في المئة عام 2010، ولكنّها انخفضت إلى 13.4 في المئة في نهاية حزيران/يونيو 2013، الأمر الّذي يعكس الحالة المتردّية للإقتصاد. وفي منتصف 2012، بلغ الحدّ الأدنى لنسبة الأصول إلى رأس المال في تونس 8 في المئة، وهو حدّ اعتُبر متدنّي جدًّا نظرًا إلى المخاطر الّتي يواجهها النظام المصرفي في تونس. ويترتب زيادة الحد الأدنى لرأسمال البنوك إلى 10 في المئة ضرورة حشد موارد بنحو 1.3 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة إلى حدّ ما.

 

أمّا بالنسبة للقطاع المصرفي في السعودية، فهو يتمتّع برأسمال كبير (صندوق النقد الدولي 2011). وبلغت نسبة السيولة في القطاع ككل أكثر من 17 في المئة في كانون أول/ديسمبر 2010. وتبلغ الفئة الأولى من نسبة رأس المال حوالي 15 في المئة، وهي تتخطى نسبة الـ 4 في المئة المطلوبة ضمن بازل 2، والـ 4.5 في المئة المطلوبة ضمن بازل 3. وتجدر الإشارة إلى أنّ نسبة الأصول إلى رأس المال في جميع البلدان تتخطّى الحدّ الأدنى التنظيمي البالغ 8 في المئة.

 

وعلى الرغم من أنّ البنوك الإقليمية تتوسّع إلى الخارج، مازالت الرقابة وإدارة الأزمات العابرتان للحدود غير متطورة. سلّطت الأزمة المالية العالمية الضوء على الحاجة إلى تعاون رقابي بين البلدان. ودفعت وفرة رأس المال في العديد من البلدان، وبخاصة بلدان مجلس التعاون الخليجي، البنوك إلى التوسّع عبر الحدود خلال السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمرّ هذا التوسع. وفي الوقت عينه، لا يجمع المشرفون بيانات جديدة وشاملة بانتظام، ولا يجرون تحاليل عن الانتشار العابر للحدود والمفصّل للبنوك.

 

وبعد النظر في متطلبات رأس المال ومخاطر الانتشار، يشدّد الجزء الرابع من هذه السلسلة على الأنظمة الاحترازية الكلية أو النظامية الّتي تدير حاليًا الأنظمة المصرفية في العالم العربي.

 

لقراءة الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الرابع، الجزء الخامس، الجزء السادس، الجزء السابع

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة