النوع الاجتماعي والتعليم في العالم العربي: التعليم الابتدائي ودرجة الإلمام بالقراءة والكتابة لدى الكبار– الجزء الأول

ريما ناير بلاساندرم, 04 يونيو/حزيران 2015

قطعت المنطقة العربية شوطًا كبيرًا في سبيل التخفيف من الفجوة بين الجنسين عند تطبيق مبادرات التنمية البشرية. فقد تعاملت دول المنطقة بجدّية مع الأهداف الإنمائية للألفية لإلغاء التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي بحلول العام 2005، وفي مختلف المراحل التعليمية خلال مهلة لا تتعدّى العام 2015. كما بذلت جهودًا ملحوظة لتحقيق تقدّم في تكريس المساواة بين الجنسين في قطاع التربية، كمحاولة منها لتوفير فرص متساوية للنساء والرجال. نتيجةً لذلك، النساء في المنطقة العربية هنَّ أكثر ميلاً من الرجال في ارتياد الجامعات، كما وتراجعت معدّلات الخصوبة على امتداد السنوات القليلة الماضية.

 

تجدر الإشارة، على وجه الخصوص، إلى التقدّم الذي شهدته المنطقة على صعيد تحقيق التكافؤ بين الجنسين في التعليم الابتدائي. فمثلاً، بلغ مؤشّر التكافؤ الإجمالي[1] في كافة دول مجلس التعاون الخليجي 1 بالنسبة للتعليم الابتدائي، في حين تأمل دول المشرق والمغرب العربي بدورها أن تحقّق المرتبة نفسها بحلول العام 2015. في العام 1999، كانت ستّ دول في المنطقة فقط قد حقّقت تكافؤًا بين الجنسين على مستوى التعليم الابتدائي، متمكّنة من الحفاظ على هذا التكافؤ حتى يومنا هذا. وهذه الدول هي الأردن، والكويت، وعمان، وفلسطين، وقطر والإمارات العربية المتّحدة. كما كانت سوريا قد بلغت المستوى نفسه من التكافؤ قبل بضع سنوات.

 

لكن لا يخلو الأمر من بعض التحديات في مجال التفاوت بين الجنسين، لا سيّما على صعيد تعزيز الالتحاق بالمدارس ودرجة الإلمام بالقراءة والكتابة. فتشير تقارير المراقبة العالمية إلى أنّ 60 في المئة من أطفال المرحلة الابتدائية غير الملتحقين بالمدارس في العام 2006 كانوا من الفتيات، ومن المتوقّع ألا تلتحقّ 53 في المئة منهنّ بالمدارس على الإطلاق، مقابل 39 في المئة من الفتيان غير الملتحقين.

 

يُسجّل تفاوتٌ بين الجنسين أيضاً على صعيد نسبة الإلمام بالقراءة والكتابة لدى الكبار، لا سيّما لدى النساء في العالم العربي حيث يُسجّل معدّل التفاوت الأكبر. ففي العام 2005، بلغ معدّل مؤشّر التكافؤ الإجمالي بالنسبة للإلمام بالقراءة والكتابة في المنطقة 0.74. مؤخرًا في العام 2011، كان 47.6 مليون راشد تقريبًا من المنطقة العربية يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية، حيث تفوق نسبة النساء منهم الـ 66 في المئة. عام 2011، بلغ العدد الإجمالي للكبار غير الملمّين بمهارات القراءة والكتابة 47.6 مليون، حيث تضمّ مصر والمغرب 54 في المئة منهم. من جهتها، تواجه ستّ دول أخرى (الجزائر، والسودان، وسوريا، والعراق، والمملكة العربية السعودية واليمن) مهمّة صعبة تكمن في مساعدة أكثر من مليوني راشد على الإلمام بالقراءة والكتابة. فضلاً عن ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ النساء يشكّلنَ 70 في المئة من الكبار غير الملمّين بالقراءة والكتابة في سبع دول (الأردن، وتونس، وسوريا، وفلسطين، وليبيا، وموريتانيا واليمن). ولعلّ نسبة التفاوت الأبرز كانت في المغرب واليمن حيث بلغ معدّل النساء الملمّات بالقراءة والكتابة أقل من ثلثي نسبة الذكور. لحسن الحظ، تشير تقديرات العام 2015 إلى أنّ معدّل الإلمام بالقراءة والكتابة في أوساط الكبار سيستمرّ بالارتفاع. مع ذلك، ستشهد بعض الدول ارتفاعًا في العدد المطلق للأميّين الكبار نتيجة النموّ السكاني، وعدم قدرة النظام الدراسي على تلبية الاحتياجات التربوية لعدد كبير من الأطفال. في هذا الإطار، سينضمّ الأطفال غير المرتادين للمدارس، وأولئك الذين لم يتلقوا مستوى مناسباً من التعليم المدرسيّ، إلى صفوف الشباب والكبار غير الملمّين بمهارات القراءة والكتابة.

 

كما تُبيّن هذه التدوينة والتدوينة اللاحقة، ما زال التكافؤ والمساواة بين الجنسين في مجال التربية والتعليم مسألةً مربكةً للمنطقة. فلا ريب في أنّ تلبية احتياجات الشباب والأطفال في المنطقة تطرح عدّة تحدّيات. لذا، فإنّ إجراء المزيد من التحسينات على البيئة التعليمية ونوعية التعليم، ضروري لتعزيز الوصول إلى التعليم في المنطقة. في هذا الإطار، يجدر بالدول، وفقاً لبرنامج عمل خاص بالتربية والتعليم يوضع لفترة ما بعد 2015، بأن تعمل على ترسيخ التعليم من خلال تطبيق مقاربة دائمة تشمل القطاع بأكمله، لمساعدة الجميع على الوصول إلى مختلف المراحل التعليمية، وحصولهم على فرص تعليم عادلة وذات نوعية جيّدة. ويجدر بهذا البرنامج أن يركّز على الفتيات الشابات والنساء، ويحمي ويعزز حقهنّ في التعلّم. فضلاً عن ذلك، وفق ما يبيّنه تقرير أخير صدر عن منظّمة اليونيسكو للمنطقة، يجب أن تقوم الدول بصياغة قوانين وسياسات تساعد في تحقيق التكافؤ بين الجنسين، كما يجب أن تحدّث هذه القوانين والسياسات وتطبّقها بشكلٍ ناشط.

 

يتعمّق الجزء الثاني من هذه التدوينة، بعنوان "تراجع التكافؤ بين الجنسين في سلُم التعليم،" في الإنجازات التي حقّقتها الدول العربية حتى اليوم، وفي الخطوات التي ما زال عليها أن تقطعها.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] مؤشّر التكافؤ بين الجنسين هو نسبة الفتيات على الفتيان خلال المرحلة الدراسية الابتدائية والثانوية وما بعد الثانوية، ونسبة عدد الطالبات المنضويات في مراحل التعليم الابتدائي والثانوي وما بعد الثانوي على عدد الطلاب الذكور في كلّ مرحلة.

 


ريما ناير بلاساندرم متخصصة في مجال التعليم في آسيا وأفريقيا. عملت على نطاق واسع، في مناصب قيادية للفرق التنفيذبة، في قطاع التعليم في البنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومؤسسة التمويل الدولية. قادت بعثات وفرق عمل لتقديم المساعدة التقنية في آسيا وأفريقيا، مع التركيز على التعليم الابتدائي والثانوي والعالي على مر السنين. كما قادت أيضًا عمليات وتقييم البرامج العالمية والإقليمية المشتركة في قطاع التعليم في آسيا وأفريقيا. حاصلة على شهادات دراسات عليا في إدارة التنمية، وفي علوم الأطعمة والتغذية، وتخصص في السياسة الاقتصادية والعامة.

ريما ناير بلاساندرم ريما ناير بلاساندرم

الأكثر قراءة