برامج سوق العمل النشطة – كيف تعمل؟

زافيريس تزاناتوس, 17 فبراير/شباط 2015

برامج سوق العمل النشطة هي عبارة عن سياسات ومشاريع تساعد الأفراد على الحصول على وظيفة أو إن كانوا يعملون، الانتقال إلى عمل أفضل. وقد تتضمن سياسات العمل النشطة: المساعدة في البحث عن عمل، الأشغال العامة، التدريب وإعادة التدريب، تنمية المؤسسات الصغرى، وإعانات دعم الأجور.

 

وتعتمد البرامج على فرضية وجود بعض العجز في سوق العمل أو في أسواق أخرى (على سبيل المثال احتكارات في أسواق المنتجات أو أسواق مالية محدودة) أو قد تكون نتائج بعض الأسواق غير مقبولة اجتماعيًا. وبالتالي لا يعتمد نجاحها فقط على تصميم البرنامج وتنفيذه وإنما يقوم أيضاً على مدى عمل الاقتصاد بشكل جيد ومدى شموليته.

 

وتختلف برامج سوق العمل النشطة في أهدافها ونتائجها. بعض البرامج تركّز على الكفاءة في حين تهتم برامج أخرى على الجوانب التوزيعية أو تكون مدفوعة باعتبارات سياسية بحتة تؤدي إلى تأثير منخفض أو معدوم إقتصادياً إن لم يكن سلبيًا. وبالإضافة إلى ذلك، حتى عندما يتم تحديد المشكلة والمجموعات المستهدفة بشكل صحيح، قد يؤدي النقص في القدرة الإدارية أو الاحتيال أو الاستغلال، إلى عرقلة تصميم البرنامج وتنفيذه.

 

وينبع الدليل العلمي على فعالية برامج سوق العمل النشطة بشكل أساسي من عمليات تقييم عالمية في ظل ندرة وجود دراسات في المنطقة العربية. وفي حال وجودها، فهي تُظهر مثلاً أن تونس تنفق ما نسبته 1 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على مبادرات سوق العمل، وهي نسبة ممثالة لإنفاق الاتحاد الأوروبي للغرض نفسه، ولكن التأثيرات في تونس محدودة.

 

التوظيف في الأشغال العامة

 

تقدّم الأشغال العامة السيولة أو الطعام مقابل العمل عادة في مشاريع مجتمعية على غرار بناء البنى التحتية وصيانتها ومن ضمنها الطرقات والمدارس. وتُعتبر الأشغال العامة التي تحظى برعاية الحكومة شائعةً في الجزائر، وتونس والمغرب (promotion nationale) ومن خلال صناديق اجتماعية في أماكن أخرى، كما هو الحال على سبيل المثال في مصر واليمن.

 

خدمات التوظيف/وساطة العمل

 

تتوافر خدمات المساعدة في البحث عن عمل في جميع الدول تقريبًا وهي متطورة إلى حد كبير في الدول ذات الدخل المرتفع وتكون عادةً مقرونة بدفع استحقاقات البطالة ويعود ذلك جزئياً إلى محاولة تحفيز رغبة العاطلين عن العمل في العودة إلى العمل. وتعتبر المساعدة على البحث عن عمل منخفضة الكلفة نسبيًا وتكون عادة فعّالة من حيث الكلفة مقارنةً مع برامج سوق العمل النشطة الأخرى. وبشكل عام تمَّ تنفيذ البرامج التي أدت إلى نتائج إيجابية في ظروف مؤاتية على صعيد الاقتصاد الكلي. وهي أقل فعالية في حالات الركود الإقتصادي التي تشهد تراجعاً في فرص العمل المتوافرة.

 

التدريب

 

بالإمكان تقديم التدريب إلى مجموعات مختلفة ومتعددة. وتكون النتائج إيجابية لدى النساء أكثر من الرجال. ويلاقي تدريب الشباب نجاحًا أقل ولكن هذه النتيجة يمكن تصحيحها جزئيًا من خلال دمج التدريب مع التعليم العلاجي، والمساعدة في البحث عن عمل والخدمات الاجتماعية. كما تبيّن أن إعادة تدريب العاملين الذين فقدوا عملهم أكثر كلفة وغالباً ليس لها تأثيرات اقتصادية إيجابية على الرغم من وجود أسباب اجتماعية مفيدة لتقديمها، كما هو الحال مثلاً بالنسبة للبطالة منذ أمد بعيد. بالإجمال، يكون التدريب بأفضل حالاته عندما يكون الاقتصاد في طور التحسن ويشهد خلق فرص عمل جديدة.

 

تطوير المؤسسات البالغة الصغر/ دعم التوظيف الذاتي

 

تقدم مثل هذه البرامج قروضًا تكون مقرونة بدعم إضافي يتراوح بين التدريب والإرشاد وصولاً إلى توفير المساحات المكتبية (في حاضنات الأعمال مثلاً). وغالباً ما يشارك في هذه البرامج جزء صغير فقط من الباحثين عن عمل والعاطلين عن العمل، على الرغم من أن هذا الأمر قد يؤدي إلى تقنين في القروض. ويمكن تمويلهم من قبل المصارف، والمنظمات غير الحكومية، والصناديق الإجتماعية (مصر واليمن) ومؤسسات القروض الصغيرة المتخصّصة (تونس والمغرب) وحتى المانحين (لبنان) أو مجموعة مؤلفة من بعض هذه الجهات (المغرب). وعند تواجد كفالات أو خطط حكومية على غرار مصرف "جرامين" (Grameen Bank)، ترتفع نسبة المتابعة والنجاح.

 

دعم الدخل

 

الدخل هي عبارة عن تحويلات مباشرة إلى أرباب العمل على شكل مدفوعات دخل جزئية وتخفيضات في المساهمات الاجتماعية و/أو الضرائب لتشجيعهم على توظيف موظفين جدد أو الابقاء على الموظفين الذين كان من المفترض صرفهم من العمل. وتكون أكثر فعالية عندما تستهدف مجموعات خاصة كالشباب الذي يحتاجون إلى فرص لاستعراض مهاراتهم والعاطلين عن عمل منذ زمن بعيد المعرّضين لخطر المعاناة من تأثيرات "ندبات" بسبب التغيّب الطويل عن سوق العمل. إنَّ استخدامها محدودًا في المنطقة العربية، يمكن وجودها في الأردن والمغرب وتونس.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


زافيريس تزاناتوس مستشار دولي للاستراتيجية والسياسة مقيم في لبنان. كان سابقًا رئيس وأستاذ قسم الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت. مستشار سابق لمنظمة العمل الدولية، وقد شغل منصب مستشار للمدير الإداري للبنك الدولي، حيث كان أيضًا مدير الحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك مدير البرنامج العالمي لعمالة الأطفال الذي كان المبادر لإنشائه. تشمل مؤلفاته 14 كتابًا ودراسة، وأكثر من 200 تقارير وأوراق بحث في مجالات اقتصاديات العمل، التعليم، الجندر، وعمالة الأطفال، وبشكل أوسع، السياسات الاجتماعية واستراتيجية التنمية. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

زافيريس تزاناتوس زافيريس تزاناتوس

الأكثر قراءة