تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في مصر: تجاوز العوائق الهيكلية

وفيق جريس, 17 فبراير/شباط 2015

منذ منتصف العام 2000، فشلت سياسات الاقتصاد الكلي في مصر في تحقيق التوازنات الاقتصادية الكلية المستدامة، وذلك بسبب السمات الهيكلية جزئيًّا. وأدّى نظام الدعم إلى تضخّم الخدمة المدنية، وقيّدت خدمة الدين قدرة السلطات لمعالجة العجز المالي. هذا وزاد نظام دعم المواد الغذائية غير الفعّال المشاكل المالية. ارتفع إجمالي الدعم بين 2007/2008 و2011/2012، ولكن، انخفض معدّل الأسهم في الناتج المحلي الإجمالي من إجمالي الإنفاق العام، وعجز الموازنة، والدعم خلال الفترة عينها (وزارة الماية 2013أ).

 

منذ العام 2005، شكّل دعم الوقود معدّل 5.8 في المئة ودعم المواد الغذائية 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.[1] وانخفض العجز في الميزانية من نحو 17.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العامين 1990/1991، إلى 10.7 في المئة خلال 2011 و2012 (البنك المركزي 2013أ). وبلغ العجز الكلي في ميزان المدفوعات حوالى 0.9 مليار دولار أمريكي في العامين 2000 و2001 و11.3 مليار دولار أمريكي في العاميْن 2011 و2012، وهو ما يمثّل على التوالي 0.9 في المئة و 4.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (البنك المركزي 2013ب). ويبقى حجم العنصر المحلي من الديون الوطنية مصدر قلقٍ كبير.[2]

 

في المعدّل، إن نسبة 75 في المئة من الدعم تعود إلى استهلاك الطاقة (حندوسة 2010). استمرّت الإيرادات المالية إلى الميل نحو الضرائب غير المباشرة والأعمال المرتكزة على الموارد الطبيعية مثل قناة السويس. بين عامي 2007 و 2012، شكّلت الإيرادات الضريبية نحو 61 في المئة من إجمالي الإيرادات (وزارة المالية 2013ب). غير أنَّ، أكثر من ثلث عائدات الضرائب بقليل تُدرّ من الضرائب على السلع والخدمات.[3] هذا الإفراط في الاعتماد على الضرائب غير المباشرة يضعف قدرة السلطات على استخدام السياسات الضريبية كأداة توزيع. نتيجة لذلك، تواجه البلاد تحديات هيكلية.

 

والواقع أن المصادر الرئيسية لأرباح عملات فوركس في مصر هي تحويلات العاملين، والسياحة، وصادرات النفط والغاز، والاستثمار الأجنبي المباشر (الاستثمار الأجنبي المباشر، قبل العام 2011)، بالإضافة إلى قناة السويس. هذا التمركز يجتمع مع صعوبة تقليص فاتورة الواردات التي تسيطر عليها إلى حدٍّ كبيرٍ واردات المواد الغذائية.

 

في أعقاب الانتفاضة العربية، تحوّل ميزان المدفوعات من فائض 3.4 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2009/2010، إلى عجز قدره 9.8 مليار دولار خلال عاميْ 2010 و2011. وعكَس صافي الاستثمار الأجنبي المباشر هذا الاتجاه، حيث انتقل من تدفّقٍ بنسبة 5.8 في المئة إلى إنفاق بنسبة 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2008 و [4]2012. وتركت هذه التطورات بصماتٍ واضحةً في ارتفاع الدين الخارجي. هذا وبقيَ الدين الخارجي في حدود 13.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2012 (البنك المركزي 2013ب).

 

على الرغم من ذلك، كان استقلال البنك المركزي واضحًا، وبخاصةٍ خلال الفترة غير المستقرة في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، عندما كانت قدرة البنك على الحفاظ على نظام سعر صرف مستقر واضحة. وتمكّن البنك المركزي من حماية سوق الفوركس بحكمةٍ ضدّ أي تقلّبات جذرية (البنك المركزي المصري 2011). كذلك، في العام 2011، زاد البنك المركزي السيولة في النظام عن طريق خفض مستوى عمليّاته في السوق المفتوحة، وإنشاء اتفاقيّات إعادة الشراء للبنوك من أجل الوصول إلى السيولة الأولية، وخفض الاحتياطي الإلزامي للبنوك (هيريرا، سانتياغو، ويوسف 2013). وانعكست هذه السياسات في زيادة صافي مطالب النظام المصرفي على الحكومة وعلى الاقتصاد بأكثر من 77 في المئة و51 في المئة لكلٍّ من هذيْن الأخيريْن، على التوالي.[5]

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] راجع: http://www.imf.org/external/pubs/ft/scr/2010/cr1094.pdf

[2] ويتم احتساب هذا الرقم من خلال تقسيم الدين المحلي الإجمالي على مجموع الديون (الخارجي والداخلي) (البنك المركزي 2013ج).

[3] تمّ الاحتساب من خلال Article IV Consultation (نيسان/أبريل 2010)، وصندوق النقد الدولي http://www.imf.org/external/pubs/ft/scr/2010/cr1094.pdf

[5] راجع: http://www.cbe.org.eg/English/Economic+Research/Time+Series/

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

 

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة