تحقيق توازن نظام الضرائب في تونس

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي, 17 فبراير/شباط 2015

الإصلاحات الضريبية هي حاجة ملحة لإعادة تأسيس توازن في الاقتصاد الكلي، وتعزيز الاستثمار والمنافسة للقطاعات البرية والبحرية، وتمتين جمع العائدات، وتعزيز العدالة والشفافية. بشكلٍ خاص، تتضمّن تحويل عائدات الضرائب والتحويلات المالية إلى شركات في تونس بعض الشوائب وتعيقان الاستثمار، هذا إلى جانب اشتمالهما على الضعف وعدم المساواة. ولكن الأهم، هو أن شوائب النظام الضريبي في تونس تجعل توزيع دخل البلد يتم بشكل غير عادل، إذ يتأتى الثلث فقط من عائدات الضرائب في تونس من الضرائب المباشرة، مقابل الثلثين من الضرائب غير المباشرة. يدفع أصحاب الأجور، والذين ينتمون بأغلبهم الى الطبقة المتوسطة، ثلاثة أرباع الضرائب على الدخل، مقابل دفع غير الأجراء للربع المتبقي. وهذه المدونة تكشف كيفية كلا من ضرائب الشركات والرواتب تشوه النظام الضريبي، مقدّمة مقترحات لتحسينها.

 

ضريبة أرباح الشركات

 

يبلغ معدل الضرائب القانوني على الأرباح في الشركات في تونس 30 في المئة (مع استثناء 35 في المئة للشركات المصرفية، والتأمين، والمحروقات، والإتصلات). أما الموردون، فلا يدفعون ضرائب على الأرباح للسنوات العشر الأولى من العمل، بينما يدفعون 50 في المئة ضرائب على الأرباح بعدها. أمّا أرباح قطاعي الزراعة وصيد الأسماك فتخضع لـضرائب بمعدل 10 في المئة.

 

ولكن فرض الضرائب على الشركات الصغيرة المسجلة قانونيًا، والتي تشكل الأغلبية الساحقة من الشركات، هو منخفض نسبياً أو حتى غير ملحوظ. حتى أنه هذه الشركات قد تختار نظام "الغرامة"، حيث تدفع بموجبه من 2 الى 2.5 في المئة من العائدات بدل الضريبة على الأرباح. كما أن هذه الشركات الصغيرة التي تملك رقماً للتعريف الضريبي لا تحتفظ بالدفاتر التجارية، وتقلل من أهمية عائداتها، وبالنتيجة، يُقدّر المعدل المناسب لهذه الشركات من الضرائب المباشرة وغير المباشرة بـ 4.85 في المئة من الأرباح (المعهد الوطني للإحصاء للعام 2007).

 

الضريبة على الأجور

 

إن الضرائب وإجمالي الرسوم التي تفرض على الرواتب هي الضرائب الأثقل عبئأً في البلاد، إذ قد تصل الرسوم العامة التي يدفعها الموظف الى 28.5 في المئة في الشركات التي لا تملك تعويضات أو إعفاءات ضريبية. وتتضمن هذه الضرائب مجموع الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي (16.5 في المئة)، وضرائب التدريب المهني (1 الى 2 في المئة من إجمالي الأجور)، ومساهمة لتمويل برنامج الإسكان للموظف (1 في المئة). أما في ما يتعلق بالضرائب على الأرباح، فثمّة إعفاءات متعددة من رسوم الأجور، في قطاعات كالزراعة، والتصدير، والشركات التي تستثمر في مناطق أولوية. وتشكل مساهمة الموظفين 9.18 في المئة من الأجور، فيما يصل مجموع الضرائب والرسوم الاجتماعية المرتبطة بالتوظيف إلى حوالى 38 في المئة في الشركات العاملة في القطاع البري. بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة، بنسبة 18 في المئة، المفروضة على المواد الاستهلاكية المنزلية والخدمات في تونس، مع معدل منخفض لبعض المنتجات: 12 في المئة (كنقل السلع أو بعض المنتجات والخدمات لدعم القطاع السياحي)، و6 في المئة (كالخدمات التي يؤمنها الأطباء، والمواد الصيدلانية، والتحليلات المخبرية الطبية).

 

احتلالات في أنظمة الضرائب

 

وفقاً للعبء الضريبي المحاكى المفروض على الشركات الصناعية المحلية المتوسطة في تونس، واستنادًا إلى معلومات البنك الدولي الخاصة بـ"تسديد الضرائب"[1]، فإن مثل هذه الشركات ستدفع أكثر من 64 في المئة عبر الضرائب على الأرباح، والأجور، واستخدام الموارد.[2] بيد أن الشركة التي تواجه قيودًا مماثلة، لا يمكنها أن تحقق توازناً مالياً أو القيام بالاستثمار من دون التحايل على الأعباء الضريبية، وخاصة في ما يتعلق بالرسوم الاجتماعي.

 

من ناحية أخرى، يساهم الموظفون المصرح عنهم في القطاعين العام والخاص بـ80 في المئة من مجموع الدخل الضريبي الشخصي بسبب قوانين الاستقطاع، بينما يساهم أصحاب الأعمال والموظفين المستقلين (محاسبون، محامون، أطباء، وصيادلة) بـ 3 في المئة من مجموع الدخل الضريبي الشخصي.

 

أولويات الإصلاح الضريبي

 

لمعالجة الشوائب ونقاط الضعف هذه، تحضر السلطات التونسية برنامجاً شاملاً من الإصلاحات يركز على:

  • تعزيز العائد الضريبي وتعزيز الإنصاف والفعالية  والشفافية في نظام الضرائب.
  • ترشيد الفوائد والحوافز الضريبية بطريقة مستقلة عن الإيرادات، من خلال إصلاح ضريبة الدخل على الشركات.
  • تخفيف الانقسام بين القطاعين البري والبحري، من خلال مراجعة التقارب في ضريبة الدخل على الشركات.
  • تحديث إدارة الضرائب وتعزيز آليات الرقابة والتقييم في إدارة الجمارك.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] "نحو نموذج اقتصادي جديد لتونس" 2012، البنك الافريقي للتنمية، الحكومة التونسية.

[2] لوضعها في عملية انتاج بهدف تحقيق مردود.

 


سفيان غالي أستاذ الاقتصاد وعميد المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في جامعة تونس. متخصص في مجالات المنظمات الصناعية والاقتصاد الدولي. له منشورات متخصصة في مجلات دولية، ساهم في العديد من الدراسات لوكالات وطنية تونسية ومنظمات مثل ITCEQ وIACE ومنظمات دولية مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي، FEMISE، منتدى البحوث الاقتصادية، وشبكة التنمية العالمية. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.


سامي رزغوي استاذ في جامعة منوبة في تونس. متخصص في مجالات سياسات الاقتصاد الكلي، الاقتصاد الدولي، اقتصاديات الصناعة وسياسة الابتكار. مؤلف العديد من البحوث المنشورة في المجلات الدولية وهو أيضًا مستشار ومساهم في تقارير مختلفة لوكالات دولية (ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البنك الدولي، FEMISE، معهد البحر الأبيض المتوسط) ومؤسسات وطنية (معهد الدراسات الكمية، المعهد العربي لمدراء الأعمال، وزارة التجارة، وهيئة ترويج الاستثمار). حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي

الأكثر قراءة