تعليم الأنثى في العالم العربي

يارين كيروغلو, 09 يونيو/حزيران 2015

طوال العقد الماضي، خطى العالم العربي خطواتٍ كبيرة في رفع المستوى التعليمي للأنثى. لا طالما كان ذلك واحداً منٍ المؤشرات الهامة لتقييم التنيمة في بلد ما والطريق الرئيسيي لإزالة العوائق أمام المساواة في المجتمع. ومنذ مطلع السبعينات، أخذ عدد الإناث في مدارس المنطقة العربية بالإزدياد.[1] بعد التسعينات، اتخذ هذا المسار ارتفاعا إضافياً بالنسبة لعدد النساء اللواتي يرتدن التعليم الثانوي. ومع نموّ عدد النساء المتعلّمات، ازداد معدّل الإناث الموظفات في العمالة الماهرة.

 

إلا أن مشكلة المساواة لا تنتهي بمجرد ارتفاع مستويات الإلتحاق التعليمي في المنطقة. إذ أن مستويات التعليم ترتبط بشكل وثيق بنوعية التعليم التي تتلقاها الإناث في أغلبية الدول العربية. على هذا النحو، شهدت نوعية التعليم في السنوات الثلاث الأخيرة تراجعاً ملحوظاً وبقي الوصول الى التعليم محدوداً. فبفعل الإضطرابات المستمرة في المنطقة، بلغ عدد الأطفال غير القادرين على الوصول الى التعليم 8.5 مليون في عام 2012، وأغلبية هؤلاء فتيات صغيرات. بالإضافة الى ما سبق ورغم أن أعداد الإناث الملتحقات بالتعليم الثانوي والعالي ازدادت من 48% الى 56% في العقد الأخير، فأغلبية القوى العاملة النسائية في العالم العربي تتركز في الصناعات التي تتطلب أشغالا شاقة كما الزراعة.[2] وفي ظل وجود 30% من النساء كموظفات في العمالة الماهرة، فإنّ العالم العربي ككل بحاجة الى حثّ الجهود من أجل إدماج المرأة المتعلمة في القوى العاملة.

 

يتجلّى عدم المساواة بين الجنسين والقائم على أساس المؤسسات الإجتماعية كالتعليم والصحة والقوى العاملة، بشكل كبير في البلدان ذات المستويات المتدنية من التعليم.[3] منذ عام 2000، ازداد إلتحاق المرأة في التعليم الإبتدائي، وبمتوسط 9% لكل دولة عربية.[4] كانت هذه الزيادة أكبر بما يتعلق بالإلتحاق بالتعليم الثانوي والعالي، بحدود 13% و17% على التوالي.[5] ومع ازدياد مستويات التعليم، أصبحت النساء أكثر نشاطاً خارج محيط أسرهنّ، ومن المتوقّع ان يجري تشجيعهن لبدء مشاريعهن الخاصة. في الوقت الراهن، يُلاحظ أن المؤسسات التي تمتلكها النساء آخذة في الإرتفاع، وقد بلغت 12% في العالم العربي في عام 2013.

 

إن تحقيق التكافؤ الجندري في مختلف المستويات التعليمية هو هدف مهمّ أمام الدول النامية. ورغم أن الكثير من البلدان العربية تمكنت من تحقيق هذا التكافؤ على مستوى التعليم الإبتدائي، فإن فجوات كبيرة في الإلتحاق المدرسي لا زالت قائمة بين الجنسين في كل من الجزائر، مصر، العراق، المغرب، سوريا واليمن.[6] وبرغم انعدام الإستقرار الإقليمي على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، يبقى التعليم أحد أبرز الميادين التي تكون فيها الإجراءات المتعلقة بالتكافؤ الجندري أكثر وضوحاً ومفعولاً ومنتجةً عائداتٍ إيجابية.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] بيانات مؤشرات التنمية العالمية، 2012.

[2] بالنسبة الى التعليم الثانوي، سُجّلت زيادة من 65% الى 71% بين عامي 2000 و2012. أما بالنسبة الى التعليم العالي، فكانت الزيادة أعلى من 22% الى 37%. تُستثنى من هذه البيانات كل من الصومال، السودان والإمارات العربية المتحدة.

[3] Johannes P. Jütting, Christian Morrison, Jeff Dayton-Johnson, and Denis Drechsler, 2008, “Measuring Gender (In) Equality:The OECD Gender, Institutions and Development Data Base,” Journal of Human Development, pp. 65-86.

[4] البيانات تمتد من سنة 2000 حتى 2012 ولا تتضمن الصومال والسودان.

[5] البيانات تمتد من سنة 2000 حتى 2012 ولا تتضمن جيبوتي.

[6] UNICEF, 2011, "MENA Gender Equality Profile," UNICEF Regional Office for the Middle East and North Africa.

 


يارين كيروغلو هو مستشار لـ GGODR في البنك الدولي. تشمل اهتماماته البحثية السياسة العالمية، الديموغرافيا السياسية، الاقتصاد السياسي للنمو والتنمية، الآثار الاقتصادية والديموغرافية للتجارة الثنائية، الاقتصاد القياسي، نظرية اللعبة، والتحليل الحسابي. حاصل على شهادات دراسات عليا في نظم المعلومات التجارية وفي الاقتصاد السياسي الدولي.

يارين كيروغلو يارين كيروغلو

الأكثر قراءة