تقارب البلدان العربية والإطار التنظيمي المالي الدولي

وفيق جريس, 04 مارس/آذار 2015

بدأ إطار الحكم المالي العالمي بالظهور تدريجيًّا مع التكامل النامي للمشهد المالي العالمي والحدوث الدوري للأزمات المالية التي تمتدّ دولياً عبر الحدود (صندوق النقد الدولي للعام 2012). أمّا مبادىء الإطار الدولي فهي التنسيق، والمواءمة، واستعراض الأقران، والرصد من قبل الوكالات الدولية العالمية، لاسيّما صندوق النقد الدولي، وبنك التسويات الدولية، والبنك الدولي لقضايا الشمول المالي والتنمية. كما تمّت تنمية المعايير والقوانين، مّما يعكس أفضل الممارسات. وتشمل هذه المعايير بشكل خاصّ مبادىء بازل الأساسية للرقابة المصرفية، والمبادىء المتعلّقة بتبادل الأوراق المالية ونظم المدفوعات والتأمين.

 

وكما هي الحال في غالبية مناطق العالم، تعمل البلدان العربية تدريجيًّا على مواءمة نظامها المالي مع الممارسة الدولية، والامتثال إلى المعايير الدولية بشكل متزايد. في الواقع، دعت جميع البلدان العربية، باستثناء ليبيا والعراق، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لإجراء تقييم طوعي للقطاع المالي. وسيتطلّب هذا الانتقال إلى اعتماد المعايير الدولية توضيح وتنسيق السلطات المالية والوكالات التنظيمية/الإشرافية لتوفير حوكمة أكثر شفافية وفعالية للنظم المالية.

 

وتظهر ثلاثة أمثلة للتدابير التنظيمية والاشرافية الحالية المتنوعة في البلدان العربية التالية (مصر، المغرب، السعودية) أنّ التكامل الاقليمي مع الإطار الدولي سيكون دقيقًا جدًّا وخاصًا بكلّ بلد.

 

وتملك النظم التنظيمية المالية العربية الحاليّة الأقلّ إرهانًا، كمصر، وكالتين فقط معنيّتين بتنظيم السوق المالي والإشراف عليه. وفي هذا الإطار، يراقب البنك المركزي المصري النظم المصرفية والسياسة النقدية، في حين أنّ الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية تنظّم وتشرف على جميع الوساطات المالية غير المصرفية. وتحكم القوانين والأنظمة التنفيذية هاتين المنظمتين، وتتعامل القوانين المختصّة مع النشاطات المختلفة الّتي تنظّمها وتشرف عليها مثل العقارات والإيجارات.

 

من جهة أخرى، يقسّم المغرب التنظيم والإشراف الماليين على ثلاث وكالات. فيتعامل بنك المغرب، وهو البنك المركزي في المغرب، مع البنوك، والإيجارات، وشركات التخصيم. أمّا مجلس القيم المنقولة باعتباره هيئة تنظيم أسواق الرساميل فيشرف على البورصة. وتنظّم مديرية التأمينات والحتياط الاجتماعي (وزارة الاقتصاد والمالية) القطاع التأميني وتشرف عليه (صندوق النقد الدولي 2008).

 

وأخيراً،  مما يدل على مزيد من التعقيد، تشرف مؤسسة النقد العربي السعودي على المصارف، وتراقب هيئة السوق المالية أسواق رأس المال، وتعمل خمس مؤسسات إئتمانية متخصصة إضافية تحت إشراف وزارة المال. خارج سلطة مؤسسة النقد العربي السعودي وهيئة السوق المالية، تكمّل هذه السلطات الحكومية الإقراض المصرفي، وتؤمّن قروضًا متوسطة إلى طويلة الأمد داعمة للصناعة، والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والإسكان، والزراعة (صندوق النقد الدولي 2012).

 

وعلى الرغم من تباين مراقبة السوق المالي والنظم التنظيمية، إنّ غالبية البلدان العربية تجري تقييمات محليّة ودولية للقطاع المالي تسمح لها بتحديد الإطار التنظيمي والمتّسق الّذي يتلاءم مع احتياجاتها ومع المعايير الدولية السائدة.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة