في سياق سياسة التجارة في تونس

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي, 17 فبراير/شباط 2015

منذ عام 1970، اعتمدت تونس سياسة ركزت على التصدير، وهي مستمرة في اعتبار الخدمات الصناعية الموجهة للتصدير كأولوية وطنية عُليا. وكانت التجارة الدولية ضرورية للاقتصاد التونسي، وقد تزامنت فترات النمو المتسارعة فيها مع تدابير لفتح الاقتصاد على التجارة. في هذا السياق، حررت الدولة نظام تجارتها، من خلال تحرير التعرفات من جهة واحدة، وإصلاح معايير الاستيراد، وإزالة الكثير من القيود الكمّية على الواردات. وقد أفرزت هذه التسهيلات التجارية نتائج كبيرة، تمثّلت باحتلال تونس مركز الـ32 (من أصل 189 اقتصادًا) في التجارة العابرة للحدود، وفقًا لتقرير البنك الدولي "القيام بالأعمال" لعام 2014[1]. وتعود غالبية نجاح تونس التجاري الى عاملين ألا وهما الاندماج الإقليمي، وإطار المنافسة القويّة.

 

الاندماج الإقليمي والتجارة الحرة

 

منذ عام 1990، وبعد الانضمام الى الاتفاقبة العامة للتعرفات والتجارة، انتهجت تونس سياسة كفاحية للاندماج الإقليمي عبر اتفاقيات التجارة. وكانت تونس أول بلد عربي ومتوسطي يوقع اتفاقبة شراكة مع الاتحاد الأوروبي في تموز/ يوليو 1995، والذي يشكّل ثلثي التجارة الخارجية التونسية. وفي عام 2012، أطلقت تونس مع الاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة من شراكتهما المميزة، لتوسيع مجال التحرير. فوقّع الطرفان على خطة عمل جديدة، رسمت خطوط التعاون بوضوح بين الطرفين في مجالات مختلفة كالبحث العلمي، والشؤون الاجتماعية، والتعليم العالي، والمساعدة الاقتصادية من 2013 حتى 2017.

 

وبالإضافة الى اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر ذي أهمية كبرى للبلاد، وقعت تونس أيضاً اتفاقية التجارة الحرّة مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2004، واتفاق منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى، واتفاق أغادير للتجارة الحرة مع مصر، والأردن، والمغرب، التي شكلت سوقًا محتملة لحوالى 100 مليون شخص.

 

إطار المنافسة الصحيّة

 

تخضع سياسة المنافسة في تونس لقانون 1991، ويعتبر الإطار القانوني والمؤسسي صلبًا، وتم تعزيزه على مرّ السنين. وفي هذا الصدد، تتحمل ثلاث سلطات مسؤولية سياسة المنافسة: قسم التنافس والتحقيق الاقتصادي في وزارة التجارة، ومجلس المنافسة، والمحكمة الإدارية. وتسعى السلطات التونسية إلى تطوير وتعزيز المنافسة في السوق المحلية، من خلال تخفيف الممارسات التي تعيق المنافسة والمنافسة غير العادلة، وتحديداً من خلال منح مجلس المنافسة الاستقلالية الكاملة.

 

النتائج الحديثة للتجارة والشركاء

 

تظهر تحاليل توازن التجارة التونسية اتساعًا حادًا في العجز التجاري عام 2012، والذي بلغ 11,635 مليون دينار، مقارنة بـ8,604 مليون قبل عام، و6,408 مليون عام 2009. انخفض معدل التغطية 5 نقاط مئوية، إلى 69.5 في المئة. كما أنّ ارتفاع الأسعار العالمية، وتراجع قيمة الدينار، وتكثيف الواردات في قطاع الطاقة، والتقدم السريع في الطلب بشكل رئيسي على سلع المستهلك المستوردة، سبب ارتفاع العجز التجاري بنسبة 35 في المئة عام 2012.

 

وفي ما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للتجارة، يمثل الاتحاد الأوروبي[2] حوالى 70 في المئة من مجمل الصادرات التونسية عام 2012. وقد بلغ معدل فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا وحدها وبشكل خاص حوالى 50 في المئة و26 في المئة و16 في المئة، و9 في المئة تباعاً. أما في ما يتعلق بالواردات، يعتبر الاتحاد الأوروبي المورد الاساسي لتونس بـ62 في المئة، والشركاء الأساسيون الآخرون في الواردات هم فرنسا 20.2 في المئة، وإيطاليا 16.9 في المئة، والصين 6.1 في المئة، واسبانيا 5.4 في المئة.

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


 [1] http://www.doingbusiness.org/data/exploreeconomies/tunisia/#trading-across-borders

  [2]الاتحاد الأوروبي هو اتحاد مؤلف من 28 دولة؛ والدول الاساسية هي: النمسا، وبلجيكا، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، ولوكسومبورغ، وهولندا، وبولندا، والبرتغال، واسبانيا، والسويد، والمملكة المتحدة.

 


سفيان غالي أستاذ الاقتصاد وعميد المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في جامعة تونس. متخصص في مجالات المنظمات الصناعية والاقتصاد الدولي. له منشورات متخصصة في مجلات دولية، ساهم في العديد من الدراسات لوكالات وطنية تونسية ومنظمات مثل ITCEQ وIACE ومنظمات دولية مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبنك الاستثمار الأوروبي، FEMISE، منتدى البحوث الاقتصادية، وشبكة التنمية العالمية. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.


سامي رزغوي استاذ في جامعة منوبة في تونس. متخصص في مجالات سياسات الاقتصاد الكلي، الاقتصاد الدولي، اقتصاديات الصناعة وسياسة الابتكار. مؤلف العديد من البحوث المنشورة في المجلات الدولية وهو أيضًا مستشار ومساهم في تقارير مختلفة لوكالات دولية (ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البنك الدولي، FEMISE، معهد البحر الأبيض المتوسط) ومؤسسات وطنية (معهد الدراسات الكمية، المعهد العربي لمدراء الأعمال، وزارة التجارة، وهيئة ترويج الاستثمار). حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي سفيان غالي - الكاتب المشارك: سامي رزغوي

الأكثر قراءة