مبادرات الابتكار في العالم العربي: السياسة العامة والدروس المستفادة – الجزء الثاني

جوليا دفلين, 05 مارس/آذار 2015

تزداد مبادرات الابتكار في العالم العربي، وغالباً من خلال مجموعات الابتكار، ومحاور تكنولوجيا المعلومات، والشركات الوطنية العملاقة، مع هدف واحد ألا وهو إيجاد تركيز أو جدية في جهود الابتكار. وتنتشر هذه الأنماط عالمياً، و تتراوح من المناهج التي تركز على الدولة كمقاطعة غوانغدونغ في الصين الى مجموعات الابتكار في الولايات المتحدة التي تطورت جنبًا إلى جنب مع الجامعات والمؤسسات البحثية التي تدعم مجتمع رائدًا في الأعمال. كما تلعب الشركات الوطنية العملاقة دورًا أيضاً. ففي جمهورة كوريا مثلاً، لعبت شركات سامسونغ، وأل جي، وأس كي للطاقة دورًا مهماً في محاور الابتكار وتطور المجموعات.

 

المراكز التكنولوجية الناجحة في تونس ودبي

 

يعدّ مركز الغزالة التكنولوجي في تونس، الذي أطلق في العام 1999، نظامًا بيئيًا متنوع الابتكار مع حاضنة للمشاريع، ومركز أبحاث يركز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومدارس للاتصالات وأقسام للأبحاث. كما تشترك في موقع الغزالة الوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية ووكالات وطنية أخرى التي تخدم شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما يضم المركز التكنولوجي 100 شركة، 13 شركة منها متعددة الجنسية. وقد تم الترويج للتعاون والتنسيق بين الشركات والجامعات بمساعدة آليات نقل التكنولوجيا من شركات متعددة الجنسية الى شركات محلية صغيرة ومتوسطة. وقد أدت الروابط مع الاقتصاد العالمي إلى تصدير أكثر من 30 في المئة من الشركات كامل إنتاجها؛ كذلك إلى تصدير أكثر من 75 في المئة من الإنتاج التكنولوجي في البرمجيات وحلول تكنولوجيا المعلومات والخدمات. في العام 2008، قررت الحكومة التونسية أن تكرر نجاح "الغزالة" فأسست مجالين جديدين، ألا وهما آريانا ومانوبا، بالقرب من تونس؛ وقد يتمدد هذا النهج إلى قطاعات أخرى أيضاً.

 

في اعتمادها نهج مركز مماثل، أسست دبي أولاً مركزًا إقليميًا للسياحة والنقل ومراكز للابتكار، ومن ثم انتقلت الى صناعات متنوعة قائمة على المعرفة. بموجب رؤية خطة 2010، تتضمن المشاريع مدينة دبي للإنترنت ومركز التكنولوجيا، ومدينة دبي الصناعية، ومدينة دبي المالية، ودبي تيك، وواحة دبي للسليكون (الصناعات التكنولوجية). وقد أسهمت المراكز في حصة متنامية من الخدمات المالية، والصناعة، والنقل، والتخزين، و الاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي؛ وتراجعت أسهم النفط في الناتج المحلي الإجمالي من 18 في المئة عام 1995 الى أقل من 2 في المئة عام 2011.

 

الشركات الوطنية العملاقة للابتكار في المملكة العربية السعودية

 

صُممت شركة وادي الظهران للتقنية، التي أطلقت عام 2011، لدعم تطور التكنولوجيا المرتبطة بالطاقة من خلال تعميق العلاقات بين جامعة الملك فهد للبترول والمعادن – الداعم الأكاديمي للمركز – وقطاع الطاقة. كما يلعب مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز للعلوم دورًا أساسيًا وتشغّل شركة وادي الظهران التقنية، التي تعود ملكيتها بالكامل والتابعة لجامعة الملك فهد مركز الملك عبدالله الآنف الذكر، معززة الروابط بين الشركات المتعددة الجنسيات والشركات الوطنية العملاقة كآرامكو السعودية وسابك. ويركز مركز الملك عبدلله للعلوم على إيجاد حلول مبتكرة لأولويات الطاقة، إذ رُفعت أكثر من 50 براءة اختراع في المركز حتى اليوم.

 

الدروس المستفادة

 

تتضمّن التحديات والفرص التي تواجه هذه المبادرات:

  • الحاجة الى نشاط حكومي فعال لإنشاء البنى التحتية المطلوبة، وتأمين الحوافز الكافية، وتعزيز الإطار القانوني، وتشجيع الاستثمارات في البحث والتعليم.
  • تنسيق قوي بين الصناعة والمؤسسات الأكاديمية والبحثية لتعزيز مهارات القوى العاملة المحلية وتوليد أفكار وأرباح جديدة.
  • عولمة المراكز من خلال الاستثمار الخارجي المباشر، والمعايير العالية الجودة، وزيادة التصدير، والعلامات التجارية الدولية للمساعدة على ربط النشاطات مع القيمة العالمية للسلاسل والأسواق.
  • الاستفادة من المزايا التنافسية المحلية في المهارات، والمواقع، وقدرات أخرى.
  • جهود مستمرة لرفع دقة النشاطات وتنوعها.

 

لقراءة الجزء الأول

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


جوليا دفلين زميلة غير مقيمة في برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية في معهد بروكينغز. عملت سابقًا كمستشارة في مجموعة البنك الدولي ومحاضرة في الاقتصاد في جامعة فيرجينيا. يتركز عملها على التنمية الاقتصادية، تنمية القطاع الخاص، الطاقة، والتجارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حاصلة على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

جوليا دفلين جوليا دفلين

الأكثر قراءة