الأسواق المالية العربية: أسواق الأسهم في أنحاء العالم العربي – الجزء الثاني

وفيق جريس, 05 مارس/آذار 2015

يقدّم الجزء الثاني من هذه السلسلة المؤلّفة من ستّة أجزاء لمحة موجزة عن هيكلية أسواق الأسهم والرسملة في العالم العربي.

 

يمكن أن تكون أسواق الأسهم آليةً ديناميكيةً وقيّمةً لاكتشاف الأسعار، ممّا يسهّل الاستثمار المالي، وتمويل أسهم الأعمال، والخصخصة، وإعادة هيكلة الشركات، وحوكمة الشركات (روكا وأخرون. 2011). وتكون الأسواق الفعّالة سائلة، ممّا يسمح للتجارة أن تُمارس ضمن هوامش صغيرة بين أسعار البيع والشراء، كما تسمح بتقييم الشركات المدرجة على أساس السوق. ويتطلّب عمل الأسواق الفعّال بنى تحتية ملائمة، لا سيّما في ما يخصّ تسوية الصفقات وتنفيذها، والإفصاح الموثوق للمعلومات، وغياب التداول من الداخل، وتوفّر حوكمة موثوقة لعمليات التبادل و للشركات المدرجة. وقد أحرزت أسواق الأسهم العربية تقدمًا كبيرًا في هذه المجالات، ولكن ما زال أمامها طريق طويل.

 

أمّا رسملة أسواق الأسهم في البلدان العربية فهي مرتفعة بحسب المعايير الدولية. فمجموع الرسملة البورصية فيها بلغ 1.2 تريليون دولار عام 2007، وانخفض إلى 870 مليار دولار في نهاية عام 2009 بسب الأزمة المالية العالمية (روكا وآخرون. 2011). وفي أعقاب الأحداث السياسية عام 2011، والتعافي البطيء للاقتصاد العالمي، تعافت أسواق الأسهم العربية ببطء.[1] وفي نهاية تشرين أول/أوكتوبر 2013، وبحسب الاتّحاد العالمي للبورصات، بلغت رسملة ستّ بورصات عربية 705.2 مليار دولار. وكانت 893 شركة مدرجة في هذه الأسواق، علماً أنّ خمس شركات منها فقط كانت أجنبية. وتجدر الإشارة إلى أنّ شركات عمان والقاهرة كانت الأكثر عدداً ضمن هذه الشركات المدرجة، فبلغت 241 و 234 على التوالي.

 

وتشكّل أسواق بلدان مجلس التعاون الخليجي ثلاثة أرباع رسملة أسواق المنطقة. فبورصة السعودية هي الأكبر، مع قيمة سوقية بلغت أكثر من 432 مليار دولار في نهاية تشرين أول/أوكتوبر 2013، أو حوالي 60 في المئة من إجمالي الناتج المحلّي للبلد لعام 2012. أما في المغرب ومصر، فبلغت القيمة السوقية نحو 57 في المئة وأقلّ بقليل من 23 في المئة من إجمالي الناتج المحلي على التوالي.

 

وتواجه الأسواق المالية العربية تحديًا واحدًا هو محدودية التنوّع القطاعي للرسملة. عمومًا، تشكّل المؤسسات المالية نصف رسملة الأسواق في المنطقة،[2] في حين يسيطر القطاع الصناعي على حصّة أقلّ من المناطق الأخرى، وتساوي حصّة قطاع الخدمات الحصّة الموجودة في إفريقيا. ويعكس هذا النمط التنوّع الاقتصادي المحدود في بعض بلدان المنطقة، وعدم أخذ الشركات الصناعية والخدماتية إيجابيات الإدراج بالاعتبار.

 

وفي المملكة العربية السعودية، تستحوذ الشركات البتروكيماوية والعقارية على حصّة كبيرة من الأسواق، بعد المؤسسات المالية (بما فيها التأمين). وفي مصر، قد تكون الرسملة متنوّعة بين القطاعات مع حصّة مرتفعة للمؤسسات المالية، ومواد التشييد والبناء، والاتّصالات. ويتمتّع القطاع العقاري في كلا مصر والسعودية برسملة مرتفعة.[3] أمّا في لبنان، واعتبارا من منتصف عام 2012، بلغت الأسهم المصرفية 70 في المئة من قيمة التدوال الإجمالية خلال فترة الأشهر الأربع السابقة، وتبعها القطاع العقاري بنسبة 29 في المئة، في حين تقاسمت القطاعات الأخرى نسبة الواحد في المئة المتبقية من قيمة التداول.[4]

 

بعد هذه اللمحة العامة على أسواق الأسهم العربية، يتطرّق الجزء الثالث من هذه السلسلة باختصار إلى تحدّيين مهمّين تواجههما أسواق الأسهم العربية. أوّلاً، يتفحص الجزء الثالث سبب وجود مستوى غير اعتيادي للأسهم المقفلة، وثانيًا، يتطرق إلى مبادرات بعض الحكومات العربية لفتح أسواق الأسهم بهدف تشجيع تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.          

 

لقراءة الجزء الأول، الجزء الثالث، الجزء الرابع، الجزء الخامس، الجزء السادس

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] بحسب قاعدة البيانات المالية التنموية للبنك الدولي لعام 2013 (http://data.worldbank.org/data-catalog/global-financial-development)، في نهاية عام 2011، كانت الرسملة دون 900 مليار دولار.

 [2]نسبة أكبر من نسب أيّ منطقة أخرى باستثناء إفريقيا. انظر أيضاً إلى الجدولين 4 و5 الّذين يظهران هيكلية قطاع التجارة على بورصتي مصر والسعودية.

[3] بالنسبة للسعودية، زوروا http://www.tadawul.com.sa/ وبالنسبة لمصر http://www.egx.com.eg/english/homepage.aspx.

[4] اقرأوا مقابلة "ماكروبوليس" مع نائب رئيس البورصة http://www.marcopolis.net/lebanon-capital-markets-outlook-2012-0207.htm

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة