الأسواق المالية العربية: تنظيم السوق – الجزء السادس

وفيق جريس, 05 مارس/آذار 2015

في نهاية هذه السلسلة المؤلّفة من ستّة أجزاء حول الأسواق المالية العربية، يتطرّق الجزء السادس هذا إلى الهيكليات التنظيمية التي تعتمدها الحكومات العربية لمراقبة أداء السوق المالية. وينظر هذا القسم في الهيئات التنظيمية في السوق العربية في المملكة العربية السعودية ومصر، ويغوص في الإصلاحات العربية الحديثة بهدف تحسين فعالية السوق المالية.

 

وتقوم "هيئة الأوراق المالية"، أو هيئة السوق المالية المختصّة بالأسواق المالية حصريًّا، أو أي وكالة تنظّم وتشرف على جميع الوساطات المالية غير المصرفية مثل الهيئة العامة للرقابة المالية (مصر)، بتنظيم الأسواق المالية في البلدان العربية والإشراف عليها. كما أنّ غالبية هذه الوكالات هي أعضاء في اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية.

 

وفي هذا الإطار، تلخّص هيئة السوق المالية السعودية أدوار هيئات الأسواق المالية. فهي (أ) تنظّم السوق المالية وتطوّرها، وتعزّز المعايير والتقنيات المناسبة لجميع الأقسام والهيئات المعنية بعمليات تداول الأوراق المالية. وهي (ب) تحمي أيضًا المستثمرين والعامة من الممارسات غير العادلة وغير السليمة الّتي تشمل الاحتيال، والخداع، والغشّ، والتلاعب، والتداول بمعلومات خاصة؛ (ج) وتحافظ على العدالة، والفعالية، والشفافية في صفقات الأوراق المالية؛ (د) وتطوّر التدابير المناسبة لتقليص مخاطر صفقات الأوراق المالية. بالإضافة إلى ذلك، تقوم هيئات الأسواق المالية (ه) بتطوير وتنظيم ومراقبة إصدار الأوراق المالية وصفقات التداول؛ (و) وتنظيم ومراقبة ممارسات الهيئات الّتي تعمل ضمنها؛ (ز) وتنظيم ومراقبة الإفشاء الكامل لمعلومات مرتبطة بالأوراق المالية والإصدارات. ومن أجل أداء تلك الواجبات، تُنظّم هيئة السوق المالية السعودية إلى أربعة أقسام: التطبيق، والإشراف على السوق، والشؤون المالية للشركات وإصداراتها، والإشراف على مؤسسات السوق المالية. وهناك أيضًا قسم خاص، ضمن قسم الإشراف على السوق، مكرّس لتعزيز الحوكمة السليمة للشركات.[1]

 

أمّا مصر، فقد أنشأت الهيئة العامة للرقابة المالية عام 2009 للإشراف على الأدوات والأسواق المالية غير المصرفية وتنظيمها، والّتي تشمل السوق المالية، والبورصة، وخدمات التأمين، وتمويل الرهن العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتوريق. ويكمن دور الهيئة العامة للرقابة المالية في تنظيم السوق وضمان استقراره وتنافسيته لاستقطاب عدد أكبر من الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال (أ) ترخيص ممارسات مالية غير مصرفية؛ (ب) الإشراف على الهيئات المرخّصة المنخرطة في ممارسات مالية غير مصرفية؛ (ج) مراقبة نشرالمعلومات المتعلّقة بالأسواق المالية غير المصرفية؛ (د) ضمان الشفافية والتنافسية في الخدمات المالية غير المصرفية؛ (ه) حماية حقوق المشاركين في السوق غير المصرفية؛ (و) أخذ التدابير اللازمة للحدّ من الاحتيال والتلاعب؛ (ز) الإشراف على تدريب المشاركين في السوق؛ (ح) التعاون والتنسيق مع هيئات تنظيمية غير مصرفية أخرى في الخارج؛ (ط) التواصل والتعاون والتنسيق مع مجتمعات ومنظمات تنظّم عمل هيئات الإشراف المالي في العالم؛ (ي) المساهمة في نشر ثقافة الاستثمار والتوعية.

 

وقد شملت إصلاحات عربية حديثة تهدف لتقوية فعالية السوق اعتماد تشريع وأنظمة ساهمت بالنهوض بقدرات منظّمي الأسواق، بما في ذلك القدرة على الإنفاذ. وقد تضمنت هذه الإصلاحات تركيز كبير على مسائل حوكمة الشركات، والإفشاء، والشفافية. فإنشاء وحدات حوكمة للشركات ضمن الجهات المنظمة للأوراق المالية (مثلاً عمان، والسعودية) ساعد هذه الجهات على التعامل بشكل أفضل مع انتهاكات السوق. وفي الكويت، تم اعتماد قانون السوق المالية الجديد عام 2010، وتمّ إنشاء بموجبه هيئة السوق المالية الّتي اعتُمدت أنظمتها عام 2011. ويمنع قانون الأسواق المالية تبييض الأموال، والتداول الداخلي.[2] وأخيرًا، عام 2011، أنشأ لبنان هيئة الأسواق المالية، ووضع البنية المؤسساتية لها، ومتطلّبات الإدراج، وآليات لمنع حدوث انتهاكات للسوق، ومتطلّبات الإفشاء للشركات العامة، وشروط ترخيص وكلاء الأسهم والوسطاء (منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي 2013).

 

بشكل عام، يحرز تنظيم الأسواق المالية تقدّمًا ملموسًا. ولكن بناء ثقة المشاركين في السوق المطلوبة لتعزيز حيوية السوق والحدّ من التقلبات سيتطلّب وقتًا طويلاً. لذلك، تبقى المسائل المتعلّقة بحوكمة الشركات، والشفافية، والإفشاء، والتسويات، والدفع على رأس جدول الأعمال.

 

لقراءة الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الثالث، الجزء الرابع، الجزء الخامس

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] زوروا موقع هيئة السوق المالية السعودية http://www.cma.org.sa/En/AboutCMA/

[2] زوروا موقع هيئة السوق المالية الكويتية http://www.kuwaitcma.org/Ar_Home.cms

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة