الأسواق المالية العربية: تنمية الأسواق ذات الدخل الثابت في البلدان العربية خارج مجلس التعاون الخليجي – الجزء الخامس

وفيق جريس, 05 مارس/آذار 2015

يتناول الجزء الخامس من هذه السلسلة بنية تنمية الأسواق ذات الدخل الثابت في البلدان العربية خارج مجلس التعاون الخليجي. في هذا القسم، ننظر إلى بعض الأمثلة عن الأسواق العربية الضعيفة ذات الدخل الثابت، ونتعمّق في الضعف النظامي الموجود.

 

من بين البلدان العربية الموجودة خارج منطقة مجلس التعاون الخليجي، أحرزت مصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وتونس تقدمًّا ملحوظًا في تنمية أسواق الدين. ومنذ نهاية التسعينات، اتّخذت هذه البلدان خطوات لبناء سوق دين محلي، ولكن بدرجات متفاوتة من النجاح، فظهرت الحاجة إلى اعتماد المزيد من الإصلاحات.

 

في مصر، بلغ الدين المحلي الحكومي الصافي 1,079.6 مليار جنيه مصري (أقلّ من 156 مليار دولار)، أو 60.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي استنادًا إلى أسعار السوق الحالية، في نهاية أيلول/سبتمبر 2012. وقد عكس هذا المبلغ مجموع سندات خزينة وفواتير مستحقّة بقيمة 1,123.7 مليار جنيه مصري (163 مليار دولار)، وانخفاضًا في صافي المديونية مع الهيئات الأخرى بقيمة 44.1 مليار جنيه مصري. بالإضافة إلى ذلك، بلغت السندات وأذونات الخزينة 63 في المئة و37 في المئة  على التوالي، من المجموع المستحقّ. ولكن 42.5 في المئة  من السندات فقط كانت قابلة للتداول في البورصة.[1] أمّا الدين الخارجي المستحقّ فبلغ 34.7 مليار دولار في نهاية أيلول/سبتمبر 2012. فدين القطاعات العامة والخاصة بلغ 95.1 في المئة  أو 33.0 مليار دولار، و4.9 في المئة  أو 1.7 مليار دولار، على التوالي. أمّا السندات والأذونات فبلغت 2.6 مليار دولارأو 7.5 في المئة  من إجمالي الدين الخارجي.

 

في المغرب، ومع نهاية عام 2012، بلغ الدين الحكومي المركزي 58.5 مليار دولار أو 59.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلّي. وشكّل الدين الداخلي الجزء الأكبر من الدين، 45 في المئة ، وشكّل الدين الخارجي النسبة الباقية. ومثّلت سندات الخزينة الصادرة في السوق المحلية والغير قابلة للتداول في البورصة حوالى 95 في المئة  من الدين المحلّي الحكومي المركزي. وتجدر الإشارة إلى أنهّ يتمّ تقليص أقلّ من 24 في المئة  من الدين الخارجي من خلال إصدار السندات.[2]

 

ما زال الضعف النظامي يخيّم على السوق في مصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وتونس، ومازالت الأسواق المالية ضحلة. وتؤمّن الأسواق المالية الأولية خيارًا غير متوازن في ما يخص تاريخ الاستحقاق، فهي تساهم في اختيار أوراق مالية غير سائلة وطويلة الأمد بدلاً من مقاربة نظامية للإطالة تدريجيًّا من منحى العائد مع دعم سيولة السوق الثانوية، باستثناء مصر. وتشهد السوق الثانوية نشاطًا خفيفًا نتيجة خلل في استراتيجية الإصدار، والسيولة المفرطة التّي تعزّز بيع وعقد الاستثمارات، وقيود على مستوى التنظيم المؤسساتي للسوق. بالإضافة إلى ذلك، إنّ تنويع قاعدة المستثمر محدود ومقيّد بسبب سيطرة المؤسسات المملوكة من البنوك والدولة، والسيولة المفرطة. وتدعم المراجحة التنظيمية، والمحاسبة، والضرائبية المستثمرين المؤسساتيين كالصناديق المشتركة. وتشوّه هذه المراجحة أدوارهم كفاعلين تنافسيين في أسواق الدين. فباستثناء مصر، ينعدم وجود المستثمرين الأجانب تقريبًا، بسبب عدد المستثمرين المحليين الكبير، والسيولة المنخفضة، وضعف البنى التحتية للسوق، تبعاً للحالة. (غارسيا-كيلروي وكابوتو سيلفا 2011).

 

وبعد الأجزاء الخمسة الأخيرة الّتي استعرضت هيكليات ومشاكل تواجه البورصة العربية والأسواق ذات الدخل الثابت، يأتي الجزء السادس من هذه السلسلة للنظر في كيفية تنظيم هذه الأسواق، والخطوات الّتي يجب اتّباعها لتحسين فعالية الأسواق واستقرارها.

 

لقراءة الجزء الأول، الجزء الثاني، الجزء الثالث، الجزء الرابع، الجزء السادس

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


[1] اقرأوا التقرير الفصلي للبنك المركزي المصري  http://www.cbe.org.eg/NR/rdonlyres/C1DB6868-D596-47E1-AF56-3CF493E46CE3/1968/economicNo53Vol1E.pdf

[2] مصدر الأرقام هو مواقع البنك المركزي http://www.bkam.ma/; ووزارة الاقتصاد والمال http://www.finances.gov.ma/

 


وفيق جريس مستشار دولي متخصص في التمويل الإسلامي، التنظيم المالي، تمويل الاستثمار، إدارة الأسهم الخاصة، وحوكمة الشركات مع خبرة عالية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمويل النمو الأخضر. كان أحد مؤسسّي ورئيس مجلس إدارة Viveris المشرق، وهي شركة خدمات للاستشارات المالية ومقرها القاهرة، متخصصة في استثمارات الأسهم الخاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر. قضى 28 عامًا في مجال التمويل الدولي لا سيّما مع البنك الدولي في واشنطن العاصمة، حيث شغل العديد من المناصب العليا في كل من العمليات وعلى مستوى الشركات. حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

وفيق جريس وفيق جريس

الأكثر قراءة