الدروس المستفادة من شراكات القطاعين العام والخاص في البنى التحتية في العالم العربي – الجزء الأول

جوليا دفلين, 05 مارس/آذار 2015

في حين اتّجهت مشاركة القطاع الخاص في البنى التحتية في العالم العربي إلى التراجع خلف مجالات أخرى من مشاريع الدخل المتوسط، إلا أنَّ عدد الشراكات بين القطاعين العام والخاص قد ازداد بشكل ملحوظ منذ العام 1990. وتركزت أكثرية هذه الشراكات في قطاعي الاتصالات والطاقة، على غرار الاتجاهات العالمية، إلى جانب العدد المتزايد من مشاريع المياه والصرف الصحي ومعاملات النقل. وتتماشى الشراكات بين القطاعين العام والخاص مع تطوير البنى التحتية في العالم العربي، الذي تجاوز مجالات أخرى قيد التطور، أبرزها في توليد الكهرباء، والنقل (الطرق المعبدة)، وأنظمة المياه والصرف الصحي. وتُقدّر الاستثمارات الإضافية اللازمة في البنى التحتية وإعادة التأهيل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع خلال عام 2020 بحوالى 106 مليارات دولار أميركي، أو ما يقارب 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي.

 

بلغ حجم الصفقات المالية لمشاركة القطاع الخاص في مشاريع بالبنى التحتية بين عامي 2000 و2012 في العالم العربي 5 مليار دولار أميركي. وشكلت الجزائر، ومصر، والمغرب، والأردن والعراق وحدها حوالى 80 في المئة من مجموع الصفقات في هذه المشاركة. وفي حين يرتفع هذا التوجّه منذ العام 1990، إلا أنه يتخلف بعيدًا عن المناطق الأخرى (17 مليار دولار أميركي في شرق آسيا والمحيط الهادئ، و22 مليار دولار في أوروبا وآسيا الوسطى، و39 مليار دولار في أميركا اللاتينية والكاريبي، و9 مليار دولارفي جنوب الصحراء الإفريقية).

 

المعاملات المالية لمشاركة القطاع الخاص في الدول العربية: منظور تاريخي (القياس: مليون دولار أميركي)

المصدر: قاعدة بيانات مشاركة القطاع الخاص في مشاريع البنى التحتية (تشرين الثاني/ نوفمبر 2013)

ملاحظة: تتضمن البيانات 15 دولة عربية، ولكن لا تتضمن بيانات دول مجلس التعاون الخليجي.

 

الدروس المستفادة

 

على الرغم من أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تتمتع بالقدرة على المساهمة بشكل كبير في النمو، تواجه الحكومات تحديات متنوعة في التصميم والتنفيذ. وتقدّم الدروس المستفادة التالية التوصيات المتعلقة بتطور وإدارة الشراكة بين القطاعين العام والخاص:

 

  • تقييم البيئة الماية والمخاطر. تتجه الشراكات بين القطاعين العام والخاص الى الشيوع أكثر في الدول التي تعاني من أعباء الديون الثقيلة، ومن طلب إجمالي وحجم سوق كبيرين. كما تشكّل الضمانات الحكومية والاستخدام وتوافر المدفوعات حوافز ضرورية.
  • تطوير أسواق رؤوس الأموال. بما أن شراكات القطاعين العام والخاص تتطلب تمويلاً طويل الأمد، تحتاج أسواق رؤوس الأموال الى التطوير للمستثمرين المحليين، والمستثمرين الناشئين في السوق، أو الاستثمارات الأجنبية العامة المباشرة.
  • تطوير سياسات إصلاح السوق. يحتاج المستثمرون، والحكومات، ومستشاري الصفقات إلى مفهوم راسخ حول إصلاح السوق، الى جانب التزام سياسي لدعم عملية الإصلاح.
  • ضمان صفقات وتنفيذ منظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص. على أن تكون نسب الخطر/المكافأة مقبولة، إلى جانب خبرة قانونية وتقنية ومالية مناسبة؛ كما ينبغي أن تخلو الدراسات حول الجدوى الاقتصادية والتقنية من الضغط السياسي؛ وضمان الوصول إلى مستثمرين؛ وصفقة منظمة لضمان الإغلاق المالي.
  • مراقبة الأداء والامتثال للعقد. يمكن للقدرة على التنبؤ في القوانين وعملية تسويّة النزاعات السريعة أن يسهل التعديلات المطلوبة لاستراداد التكاليف. وتعتبر إمكانية مراقبة الامتثال في المنشآت العامة أمرًا ضروريًا لحماية المصلحة المدنية، وتفادي السعي وراء الريع. ويشكّل دعم "ما بعد العناية" الذي يتبع الإغلاق المالي أمرًا جوهريًا لاستدامة شراكة القطاعين العام والخاص.
  • تأمين بيئة تمكينية قوية. تشكّل القدرة والنوعية المؤسسية، إلى جانب إطار قانوني مناسب، وفساد أقل، وحكم أكثر فعالية للقانون، وتواجد إطار تنظيمي مجتمعة عوامل محركة أكيدة لشراكة القطاعين العام والخاص – إذ تحدد نوعية وسرعة صفقات مشاركة القطاع الخاص في البنى التحتية، وأسعار التأثير (التي تؤثر في نهاية المطاف على استرداد التكاليف والعائدات المالية)، وتأمين الثقة بالتعاقد القانوني.
  • ضمان تنفيذ شفّاف للشراكة بين القطاعين العام والخاص. تحتاج المسؤوليات والأدوار الواضحة إلى رسمها عبر الوزارات والوكالات. فبوسع إطار تأمين شفاف وتوعية استباقية للمستثمر بناء خط أنابيب الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعزيز المنافسة. كما يمكن للوحدات المختصة للشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تساعد في التنسيق والعمل كنقطة تواصل وحيدة للمستثمرين.

 

لقراءة الجزء الثاني، الجزء الثالث

 

هذه المدونة كتبت أصلاً باللغة الانكليزية

 


جوليا دفلين زميلة غير مقيمة في برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية في معهد بروكينغز. عملت سابقًا كمستشارة في مجموعة البنك الدولي ومحاضرة في الاقتصاد في جامعة فيرجينيا. يتركز عملها على التنمية الاقتصادية، تنمية القطاع الخاص، الطاقة، والتجارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. حاصلة على درجة الدكتوراه في الاقتصاد.

جوليا دفلين جوليا دفلين

الأكثر قراءة